جاء بيان الجامعة العربية بعد اختتام الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية دولها الأحد الماضي، مجللاً بإدانة إيران، لعدم اتخاذها التدابير اللازمة لحماية مقرات بعثة المملكة العربية السعودية في إيران، ورفض الوزراء رفضاً قاطعاً تدخل إيران في شؤون المملكة وشؤون أي دولة عربية أخرى، كما شكلوا مجموعة عمل لعرض التجاوزات الإيرانية على الأمم المتحدة.. فيما ظهر «حزب الله» في أروقة الجامعة، حيث تحفظ لبنان على اشتمال البيان على اسم الحزب. وكان وزراء خارجية دول التعاون قد عقدوا اجتماعاً في الرياض السبت الماضي لتدارس الأزمة التي أفرزتها المواقف الإيرانية العدائية ضد المملكة العربية السعودية. وجاء في البيان رفض الوزراء للاعتداءات الإيرانية على مقار البعثات الدبلوماسية للمملكة وتحميل طهران كامل المسؤولية عن ذلك. وشدد البيان على أن مثل تلك الأعمال التي تقوم بها إيران لا تخدم السلم والأمن في المنطقة والعالم، وتتنافى مع مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها. وكانت سماءُ الخليج قد تلبّدت بغيوم كثيفة، إثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، تداعياً لقيام إيرانيين بحرق سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد، إثر قيام المملكة بتطبيق أحكام القضاء بحق الخارجين على القانون في المملكة. وقد نشطت وسائل الإعلام الإيرانية في كيل الاتهامات للملكة والدول الخليجية. وفيما لوحظ وجود «لهجة تهدئة» من الجانبين، فإن التوجس بحدوث أمر ما، ما زال يسيطر على العديد من المراقبين؛ ففي الكويت نشطت وسائل التواصل في إبراز الدور السعودي وضرورة قطع العلاقات مع إيران، كما قال المستشار الدكتور ناصر محمد المصري في تجمع «متضامنون مع السعودية ضد إيران». وتطرق الكاتب «موفق الربيعي» إلى ذات الموضوع محذراً من تقسيم المنطقة على غرار (سايكس بيكو)، ومتخوفاً من غليان طائفي، ومشيراً إلى أن أميركا وبريطانيا «تدعمان الموقف الإيراني وبلا غموض أو تردد». وربط بين ما يُهيئ له حالياً في المنطقة تحت دعاوى حقوق الإنسان، سعياً لخلق فوضى يتم خلالها تفكيك الجيوش (كما حصل للجيش الليبي واليمني والعراقي)، وإشعال صراع القبائل والمذاهب على الأسلوب الليبي والعراقي واليمني والسوري. (شبكة ذي قار، 9/1/2016) لكن دول التعاون، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، عرفت بسياسية النفس الطويل، والتمعن في الأحداث ودراستها بعيداً عن المؤثرات العاطفية. ولقد أعلنت المملكة العربية السعودية على لسان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد أن الرياض لن تسمح بنشوب حرب بين بلاده وإيران، «وأن ذلك سيكون كارثة لن نسمح بها»، وأضاف في مقابلة مع «الإيكونومست» البريطانية: «كل من يدفع باتجاه الحرب هو شخص ليس في كامل قواه العقلية، لأنها بداية لكارثة كبرى في المنطقة، وهو ما سينعكس بقوة على بقية دول العالم. بالتأكيد لن نسمح بأي شيء من هذا القبيل». وكانت إيران قد بعثت رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوم الجمعة الماضي، قال فيها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن بلاده لا تريد تأجيج التوترات مع السعودية، وسائر جيرانها الخليجيين، لكنه «وضع شروطاً». المملكة لم تستعرض قواتها وصواريخها بالقرب من الشواطئ الخليجية، ولم تُصدر للآخرين «ثورة» ثيوقراطية، وهي تحترم رموز الدين الإسلامي، خصوصاً صحابة رسول الله وآل بيته الطاهرين، ولا تسمح لأي كائن بالتعرض لهم، كما يفعل ملالى وإيران على القنوات الفضائية. كما أن المملكة لم يقاطعها المجتمع الدولي لتدخلاتها في شؤون الآخرين وخلقها بؤر توتر في المنطقة، ولإصرارها على تخصيب اليورانيوم.. لذلك فإن تلك الشروط تسقط قبل أن تغادر طهران. نحن مع الحلول الأسهل في الخليج العربي، خاصة أن الحرب لن تسعد أي طرف إلا أعداء الأمة الإسلامية، وأن الركون إلى العقل خير من الانجرار وراء «دوشة» الرصاص. نعوّل كثيراً على مجموعة العمل العربية لمتابعة الموضوع في الأمم المتحدة، سعياً لاستصدار قرار دولي يمنع أي إطلاق ليد إيران في المنطقة. -------------------- *إعلامي وأكاديمي قطري