سنَة الرعب.. ومواجهة التهديد الإرهابي «لونوفيل أوبسرفاتور» ضمن عموده بمجلة «لونوفيل أوبسرفاتور»، علّق الكاتب والصحافي الفرنسي المخضرم جون دانيال في عدد هذا الأسبوع على أبرز الأحداث التي شهدتها فرنسا خلال سنة 2015، سنة تميزت باستهداف الإرهاب للعاصمة الفرنسية مرتين، الأولى اقتصر فيها على مقر مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة، بينما شمل في الثانية عدة مواقع من المدينة، أبرزها كان هجوم مسرح باتاكلان. «السنة تميزت إذن بالرعب لدرجة أننا بتنا نهنئ أنفسنا لكون الإرهابيين لم ينجحوا في صنع قنبلة ذرية صغيرة أو قنبلة قذرة تنشر غازا ساما قاتلا في بلدات شيعية أو إيزيدية»، يقول الكاتب.. «ذلك أنهم كانوا يريدون الهدم والهدم والهدم.. لكنهم فشلوا، وأي فشل!». لقد فشلوا، حسب دانيال، لأنهم لم يتمكنوا من منع 195 دولة من تلبية الدعوة التي تلقتها من فرانسوا أولاند باسم فرنسا من أجل المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ. فمجرد انعقاد هذا المؤتمر في باريس بعيد أسابيع قليلة على الهجمات الإرهابية هو في حد ذاته إنجاز كبير وتحد ورسالة قوية للإرهابيين، يقول الكاتب. إنجاز ينسب الكاتب الفضل فيه إلى أولاند ووزير خارجيته لوارن فابيوس، إذ يقول إنه على الرغم من كل الانتقادات والمآخذ بحق الرئيس الفرنسي، إلا أن الحقيقة هي أنه وفابيوس من يقفا وراء ذلك الإنجاز. ويقول دانيال في هذا السياق: لنعترف بخطئنا بخصوص بعض الانتقادات التي كانت توجه لأولاند، فهذا الأخير لا يمتلك سلطة إمبراطور، لكن ينبغي الاعتراف بأنه يتحلى بما يكفي من الهدوء والتصميم ورباطة الجأش لتجاوز الصعاب والأزمات. غير أن الكاتب يحذّر، بالمقابل، من تدهور إنجازات أولاند الحالية وتحولها إلى كوارث، حيث يقول في هذا الصدد: «إنني لم أقتنع أبداً بأن التدخل الفرنسي في سوريا كان ضرورياً، ولا حتى مواتياً للظروف التي جاء فيها»، مضيفاً أن أولاند قد يكون نجح في تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ، لكنه تسبب في تدخل روسي جد سلبي في سوريا. «ليبراسيون» صحيفة «ليبراسيون» نشرت ضمن عددها ليوم الثلاثاء مقال رأي للخبيرة في الشؤون الصينية ماري هولزمان، تعلّق فيه على طرد السلطات الصينية للصحافية الفرنسية ومراسلة مجلة «لونوفيل أوبسيرفاتور»، «أورسولا جوتييه»، بسبب ما اعتبرته كتابات تدافع عن أعمال الإرهابيين، في إشارة ضمنية إلى تناول الصحافية الفرنسية موضوعاً يُعتبر من التابوهات في الصين لأنه يتعلق بمنطقة الويغور في إقليم شينجيانغ. الكاتبة قالت إن طرد الصحافية جوتييه أثار مشاعر استنكار قوية عبر العالم، لأنها تجرأت على تجاوز الحدود التي تفرضها الحكومة الصينية، من خلال كتابتها مقالا حول الهجمات في شينجيانغ، ورفضها الخلط مع الهجمات التي ارتكبت في فرنسا في الثالث عشر من نوفمبر من قبل تنظيم متطرف، فكانت بذلك هدفاً لغضب وزارة لخارجية الصينية ولشتائم مؤيديها على الإنترنت. وتقول هولزمان إن منع الصحافيين الأجانب من العمل في الصين ليس جديداً، لكنه كان يتم في صمت بشكل عام، حيث لم يكن الصحافيون المعنيون بهذا النوع من العقوبات يشار إليهم علانية أو يُتهمون مباشرة بسبب محتوى كتاباتهم، مثلما حدث مع الصحافية جوتييه. غير أن الضجة الإعلامية التي حدثت بعد نشر مقال أورسولا جوتييه في ال18 من نوفمبر في مجلة «لونوفيل أوبسيرفاتور» كشف عن أمر جديد، حسب الكاتبة، وهو أن الصحافية، التي انتقدت خلط السلطات الصينية بين الهجمات التي شهدتها شينجيانغ وتلك التي عرفتها باريس، وضعت أصبعها على ما يمكن اعتباره استراتيجية تنتهجها الحكومة الصينية في الوقت الراهن، وتقوم على تشبيه «أعمال الاحتجاج» التي يشهدها الإقليم ذي الأغلبية المسلمة، بالهجمات الإرهابية التي تشهدها بعض البلدان في الشرق الأوسط أو أوروبا. الكاتبة قالت إنه لا أحد يسعى لتبرير الهجمات والأعمال العنيفة التي قام بها بعض الويجور في الصين خلال السنوات الأخيرة، لكنها ترى أن «تلك الأعمال ليست من صنع حركة إسلامية منظمة تنهل من أيديولوجيا عنفية تدعو إلى تدمير الحضارة الغربية وقدوم عالم جديد مطهر من الكفار»، بل الأمر يتعلق بحركات تعبّر عن اليأس تقاوم المضايقات التي يتعرض لها السكان الويجور. «لوفيغارو» بمناسبة الذكرى الأولى للهجوم الذي استهدف مجلة «شارلي إيبدو» في السابع من يناير 2015، ألقى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند خطاباً أشاد فيه بجهود قوات الأمن الفرنسية بمختلف أسلاكها وأنواعها. صحيفة «لوفيغارو» اهتمت ضمن عددها ليوم الخميس بالأرقام والإحصائيات التي وردت في خطاب أولاند بشكل خاص. وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن الرئيس الفرنسي قوله إن قرابة 200 شخص مُنعوا من مغادرة التراب الفرنسي خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة حتى لا يلتحقوا بالتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق. كما مُنع «أكثر من 50 أجنبياً من دخول التراب الفرنسي»، يقول الرئيس الفرنسي في الكلمة التي وجهها لقوات الأمن. أولاند أكد أيضاً أن عمليات التفتيش الإدارية التي قامت بها السلطات الأمنية في إطار حالة الطوارئ، التي أُعلنت منذ هجمات الثالث عشر من نوفمبر، «كشفت عن 25 مخالفة ذات علاقة مباشرة بالإرهاب»، و«مكّنت من حجز 400 سلاح، من بينها 40 سلاحاً نارياً»، داعياً إلى «تنسيق مثالي» بين الشرطة والدرك والاستخبارات والجيش و«تعميم المعلومات» من أجل مواجهة التهديد الإرهابي الذي يواجه البلاد. إعداد: محمد وقيف