قبل بضعة أسابيع فحسب كانت وسائل الإعلام تلتفت إلى كوريا الشمالية بحثاً عن قصة تنتعش بشكل خاص في المملكة المنعزلة، أي ذاك النوع من القصص الظريفة والطريفة عن أمة منعزلة تستمتع بالتخلف. وأحد العناوين كان «كيم يونج أون يسافر بدورة مياه شخصية». وجاء في تقرير لصحيفة جارديان «دورات المياه ليست فقط في القطار الشخصي لكيم يونج أون، بل في أي سيارة صغيرة أو متوسطة الحجم يسافر فيها بل وفي سيارات خاصة صممت للمناطق الجبلية أو الجيليدية». ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من قيادة الحرس المكلف بحماية الزعيم قوله: «هناك عدة سيارات في القافلة حتى لا يستطيع الناس أن يعرفوا في أي واحدة منها يوجد الزعيم، وهناك سيارة منفصلة مخصصة كدورة مياه». لكن عندما أعلنت كوريا الشمالية هذا الأسبوع أنها اختبرت أول قنبلة هيدروجينية تحول الضحك سريعاً إلى قلق، فإذا صحت قصة اختبار القنبلة الهيدروجينية فهذا يمثل تقدماً تكنولوجياً كبيراً لبلد عازم فيما يبدو على تدمير العالم، فهذا قطعاً ليس مضحكاً. وصرح «لاسينا زيربو» المسؤول في منظمة معاهدة الحظر الشامل للاختبارات النووية لوكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء أنه «إذا تأكد إجراء اختبار نووي، فإن هذا يمثل انتهاكاً للأعراف المقبولة عالمياً ضد الاختبار النووي، وهو عرف احترمته 183 دولة منذ عام 1996. إنه تهديد خطير أيضاً للسلام والأمن الدوليين». وبصرف النظر عن أنواع القنابل التي ينجح «كيم» في تفجيرها، فإن كوريا الشمالية لا تستطيع أن تتحول من مهرج العالم إلى مرعب العالم بين عشية وضحاها. وكيم لم يتوقف عن إضحاك العالم، ولم يتوقف أيضاً عن ترويعه. وللأسف، ضحكت كثير من دول العالم على أهداب كيم وقصة شعره أو فريقه الشخصي من الفتيات لكنها أحياناً تنسى الجوانب الأخرى في حكمه ذي القبضة الحديدية، وهو الجوع والعنصرية والاستفزازات الدولية والأسلحة النووية. صحيح أن الضحك من الطغاة مثل بالطبع استراتيجية حيوية لمن يتمنون الإطاحة بهم. فقد قتل أدولف هتلر الملايين وسخر منه ثلاثة مهرجين وانتشرت قصة عن أنه يعاني تشوهات خلقية. ونحن نتندر على قصص صدام حسين العاطفية وعلى الحرس النسائي لمعمر القذافي. ونضحك على الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي الذي تجاوز التسعين من العمر وعن أكله للحوم الأفيال. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مظهره مضحك إلى حد كبير في الصور التي يظهر فيها بغير قميص بينما يركب حصاناً. لكن الضحك تجاوز الحد في حالة كوريا الشمالية، فنحن نقاتل هذا البلد لما يزيد على نصف قرن، وربما التعب هو ما جعلنا غير قادرين على فعل أي شيء آخر أكثر من مشاهدة فيلم «المقابلة» الذي تهكم على النظام والزعيم. وكتب جوليان هاتم في مجلة ذا أتلانتيك عام 2013 يقول: «إننا نتهكم على نظام كيم لأنه أكثر من أي نظام آخر ظل متعنتاً في رفضه الشديد للهيمنة الأميركية وتمسك بموقفه فترة أطول من أي نظام حالي آخر، ولأننا نعرف أنهم يعتزمون إبقاء هذا النظام اعتدنا أن نرى الكوريين الشماليين باعتبارهم مروعين لكنهم ليسوا مروعين بما يكفي ليستحقوا رداً عسكرياً كبيراً. لقد سئمنا هذا، فمن الصعب كتابة قصة جديدة دون تغيير أي شي»، لكن ترك كوريا الشمالية هكذا دون رد له ثمن أيضاً، فقد ناشد أحد معارضي النظام الكوري الشمالي العالم العام الماضي قائلاً: «أرجوكم لا تعتبروا كيم يونج أون نكتة... إنه يقتل ملايين الناس». جوستين موير* *صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»