يجتاح التطرفُ المجتمعَ الإسرائيليَّ حتى بات قادة المجتمع السياسي الحاكم «يؤمنون» بأن ليس ثمة احتمالية للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. ويبرز اليوم في الدولة الصهيونية وزراء ومسؤولون تعدى تطرفهم كل حدود، على رأسهم وزيرة «العدل» (أيليت شاكيد) التي تتنافس مع غيرها في الطروحات اليمينية العنصرية الفاشية النازية المتطرفة، والتي احتلت أفكارها وممارساتها عناوين بارزة في وسائل الإعلام، خاصة في الأسبوع الماضي. منذ دخولها إلى الكنيست لأول مرة في 2013، كانت «شاكيد» على رأس المبادرين بوضع القوانين العنصرية. وقد كررت هذه المبادرات وزادت عليها منذ تولت مهمة وزارة «العدل» في حكومة بنيامين نتنياهو الحالية. هذه الوزيرة، دعت (حين كانت نائبا في «الكنيست» أو البرلمان الإسرائيلي عن «حزب البيت اليهودي» اليميني المتطرف) إلى «إبادة جماعية» للفلسطينيين، لأن «الشعب الفلسطيني بأكمله عدو»، بما في ذلك «المسنين والنساء، والمدن والقرى، وحتى المباني والبنى التحتية»! وفي ظل الحرب الأخيرة على قطاع غزة، «أتحفت» شاكيد العالمَ بدعوتها: «لابد من قتل جميع الأمهات الفلسطينيات.. ينبغي أن يمتن، ويجب هدم منازلهن، حتى لا ينمو فيها المزيد من الثعابين الصغيرة»! كما وقفت شاكيد وراء تعديل تم إدخاله على قانون إسرائيلي يمنع العفو عن المعتقلين الفلسطينيين، وتمت الموافقة عليه في 2014، وقالت وقتها: «إن إطلاق سراح الإرهابيين بشكل جماعي عبر اتفاقيات دبلوماسية، يسخر من الجمهور الإسرائيلي، وكذلك تقصير مدة محكومية المجرمين القتلة»! كما لعبت (شاكيد) دوراً ملحوظاً في مصادقة الحكومة الإسرائيلية على مقترح قانون القومية المثير للجدل، والذي يقضي بتعزيز الطابع اليهودي لإسرائيل باعتبارها «البيت القومي (للشعب اليهودي)». وحين أضحت وزيرة «العدل»، طالبت شاكيد باعتراف دولي بـ«الحدود الشمالية لإسرائيل»، في إشارة إلى ضم الجولان السوري المحتل. وفي وقت لاحق، قدمت اقتراح قانون تشديد العقوبة على ملقي الحجارة باتجاه سيارات عابرة أو دورية شرطة، دون إثبات أن نية المنفذ هي التسبب بأذى، حيث تصل العقوبة إلى 10 سنوات سجن نافذ، حتى لو تم إنزال عقوبة السجن الفعلي على «قاصرين في سن 12 عاماً، ويكون قضاء مدة الحكم بعد أن يصل إلى سن 14 عاماً»! وحين بدأت شاكيد تنفيذ الخطة التي وضعتها حكومة نتنياهو للحد من تأثير «حملة مقاطعة إسرائيل»، اتخذت قرارات لملاحقة ناشطي «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)» قضائياً في دول العالم، بحسب قوانين كل دولة، متهمةً إياهم بإلحاق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي جراء نشاط المقاطعة، وبتهمة العنصرية والتحريض على إسرائيل، خاصة مع تسجيل «حركة مقاطعة إسرائيل» توسعاً سريعاً في شعبيتها وفي فعاليتها خلال الآونة الأخيرة، وتحقيقها العديد من الإنجازات على الصعد الثقافية والاقتصادية والسياسية. كذلك، باشرت شاكيد بإجراءات سحب مواطنة وإقامة منفذي العمليات وعائلاتهم، بالإضافة إلى مصادرة ممتلكاتهم وهدم بيوتهم. وفي ردها على اتهام الإدارة الأمريكية لإسرائيل بأنها تستعمل القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، قالت الوزيرة المتطرفة: «إن ذلك نابع من عدم فهم تام أو نوع من التملق من قبل الإدارة الأميركية». وفي الأسبوع الأخير من 2015، صادقت اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية على مشروع قانون تقدمت به شاكيد نفسها لملاحقة جمعيات اليسار الإسرائيلي، وهو قانون يستهدف كافة المراكز الحقوقية وتلك التي تتابع ممارسات جيش الاحتلال وجرائمه، والمراكز المناهضة لسياسة التمييز العنصري، وتتلقى دعماً خارجياً، لاسيما من دول أوروبية، ومن صناديق في الولايات المتحدة وكندا وغيرهما. مواقف هذه الوزيرة المتطرفة، واجهت انتقادات حادة داخل إسرائيل نفسها. ففي الأسبوع المنصرم، اتهم محاضران جامعيان إسرائيليان شاكيد بالعنصرية الشرسة وبأنها من «النازيين الجدد». فقد كتب البروفيسور «عميرام غولدبلوم»، المحاضر في الجامعة العبرية بالقدس: «شاكيد، يداك مليئة بالدماء. إن شاكيد خاضت الانتخابات الداخلية في حزبها بدعم مالي من حقير دولي باع السلاح للقتلة في سيراليون، ولعصابات المخدرات في كولومبيا، وهو رجل الأعمال البلجيكي اليهودي المتدين المتزمت سيرجي مولر، الذي اعتقله الانتربول في مونتينيغرو في مارس عام 2015، وتم نقله إلى بلجيكا حيث ستتم محاكمته». أما زميله «عوفر كاسيف» المحاضر في الجامعة نفسها، فقد قال: «في بلادي المخزية يصرخ اللوز (معنى اسم شاكيد بالعبرية)، هذه الحثالة النازية الجديدة لا تتحمل مسؤولية المشاركة في تحويل إسرائيل إلى دولة فاشية فقط، وإنما هي أيضاً مشاركة غير مباشرة لقتل شعب في أفريقيا (سيراليون) وجرائم ضد الإنسانية.. لقد استنفدت كافة الكلمات التي يمكنها تعريف هذه القذارة.. لقد قلَّ الكلام في القاموس كي نصف هذه المتطرفة شاكيد».