مع اقتراب انعقاد القمة العالمية للمياه في منتصف شهر يناير الجاري، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، تحت مظلة «أسبوع أبوظبي للاستدامة 2016»، أكد الخبراء العلاقة الوثيقة بين المياه والطاقة، وأشاروا إلى الدور الرائد الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال، وحرصها على تحقيق التنمية المستدامة، التي تراعي أعلى معايير البيئة العالمية. وكما تشير الدراسات والتقارير الدولية، فإن الطلب على مياه الشرب في دول العالم، ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، مستمر في النمو من دون توقف، مع استمرار النمو السكاني العالمي، وزيادة معدلات التحضر، وتحسن مستويات المعيشة في كثير من البلدان ذات الكثافات السكانية الكبيرة. والمعضلة، أنه تزامناً مع ذلك، تزداد ملامح شحّ المياه حول العالم، جراء التغير المناخي وظاهرة الاحتباس الحراري الآخذة في الاتساع. ما يضع العالم أمام مسؤولية كبيرة بشأن تنويع مصادر المياه، واتساقاً مع ذلك، فقد وضعت القمة العالمية للمياه المرتقبة -التي ستجمع قادة وخبراء عالميين وأساتذة وأكاديميين ومختصين كبارا في هذا المجال الحيوي المهم- هذه القضية على جدول أعمالها، من أجل البحث في سبل تسريع العمل في تطوير الاستراتيجيات والتقنيات المستدامة في قطاع المياه. لقد أولت القيادة الرشيدة للدولة الاهتمام بموضوع تنويع مصادر المياه، استجابة للطلب المتزايد عليها في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع مراعاة البعد البيئي المهم في هذا المجال، عبر تحسين كفاءة صناعة تحلية المياه باستخدام تقنيات منخفضة استهلاك الطاقة وحيادية في انبعاثات الكربون. وفي هذا الإطار يمكن التنويه بمساعي إمارة أبوظبي، من خلال مبادرة مدينة «مصدر»، وغيرها من مبادرات التنمية المستدامة، إلى دفع عجلة التطور التقني لتحسين كفاءة صناعة تحلية المياه والحد من آثارها البيئية، هذا بالتزامن مع سعيها إلى تحسين كفاءة استهلاك المياه، في جميع أوجه الحياة والأنشطة الاقتصادية، عبر استقدام أجهزة منزلية ومعدات وآلات أقل استهلاكاً للمياه، وتوعية السكان بالاستخدام السليم والآمن للمياه. وجدير بالذكر أن قمة المناخ التي انعقدت في العاصمة الفرنسية باريس، مؤخراً، هدفت إلى وضع حدود جديدة للانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري ابتداءً من عام 2020، مع السعي للحد من ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بمعدل درجتين مئويتين أو أقل، فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، عن طريق الحد من انبعاثات الكربون المسؤولة عن التغير المناخي. وقد شهدت القمة إعلان إنشاء «التحالف العالمي لتحلية المياه النظيفة»، الذي يسعى إلى توفير حلول تسهم في الحدّ من الزيادة المتوقعة في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، الناتجة عن عملية تحلية مياه البحر، على خلفية ازدياد الطلب العالمي على المياه الصالحة للشرب. وبالتالي، فإن اعتزام القمة العالمية للمياه، مناقشة قضية تطوير صناعة تحلية المياه، وتحسين كفاءتها وزيادة اتساقها مع المعايير البيئية، يتسق مع المساعي العالمية، وفي هذا الإطار، فقد دعت شركة «مصدر» الحكومات والجهات المعنية في مجالات الطاقة والمياه والقطاعات ذات الصلة، إلى الانضمام إلى «التحالف العالمي لتحلية المياه النظيفة»، وتصب هذه المساعي جميعها في اتجاه ترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة رائدة في مجال الأمن المائي والبيئي العالمي، هذا إلى جانب ما يمكن أن تجنيه الدولة من عوائد تنموية شاملة في مجال البيئة والاستدامة، والذي ستمتد آثاره الإيجابية إلى المستقبل البعيد. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.