في أواخر ديسمبر الماضي، قام رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» بأول زيارة دولة له إلى روسيا من أجل المشاركة في القمة الثنائية السنوية السادسة عشرة؛ وقد اغتنم «مودي» والرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه المناسبة لمراجعة العلاقات الثنائية في عدد من المجالات مثل الأمن والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والدفاع والطاقة. وعند حديثه حول العلاقات بين البلدين، وصف مودي روسيا بأنها «صديق قوي وموثوق» بينما عبّر بوتين عن سعادته لـ«تطوير الشراكة الاستراتيجية المميزة بين الهند وروسيا». هذا الخطاب، إلى جانب توقيع ست عشرة اتفاقية، يُنظر إليه باعتباره مهماً جداً لدعم وتعزيز العلاقات الهندية- الروسية. ومن بين الخطوات المهمة التي اتخذت في هذا الإطار تعزيز الشراكة التي تجمع الهند بروسيا في مجال الدفاع. فعشية الزيارة، أعلنت الحكومة الهندية عن شراء خمسة أنظمة دفاع جوي من طراز «إس 400» من روسيا بكلفة تناهز 6 مليارات دولار، بينما عقد «مودي» صفقات دفاع أخرى مهمة أخرى مع بوتين في موسكو منها، على سبيل المثال، صفقة اتفق بموجبها الجانبان على تصنيع طائرة الهيلوكبتر «كاموف 226» في الهند. هذه الاتفاقيات الدفاعية تُعتبر مهمة بالنسبة لكلا البلدين. ومن المعلوم أن علاقات الهند الدفاعية مع الاتحاد السوفييتي السابق، ثم مع روسيا لاحقاً، كانت تمثل ركناً رئيسياً من العلاقات الثنائية؛ غير أنه خلال الآونة الأخيرة شهدت العلاقات بين البلدين بعض التوتر؛ حيث أعطى الدبلوماسيون والاستراتيجيون الروس قدراً كبيراً جداً من الأهمية لخسارة روسيا لبعض صفقات الدفاع الهندية التي ذهبت للولايات المتحدة وإسرائيل وبلدان أخرى. ومن جهة أخرى، أدى فشل روسيا في تسليم حاملة الطائرات «الأميرال جورشكوف» في الوقت المحدد إلى استياء نيودلهي لأنه أرغم الهند على أن تدفع لروسيا 2.34 مليار دولار، بدلاً من السعر الذي تم الاتفاق عليه سلفاً، أي 947 دولار. وعلاوة على ذلك، فإن قرار روسيا تزويد باكستان بطائرات هيلوكبتر هجومية من طراز «إم آي 35 هيند» ومحركات «كليموف آر دي بي 93» لطائراتها الحربية «جاي إف17» أثار قلق المؤسسة الدفاعية الهندية. هذا التعاون الجديد بين البلدين سيضفي قدراً من الثقة الضرورية على العلاقات بين البلدين. وفي هذا السياق، تبعث الاتفاقيات الدفاعية الأخيرة وغيرها برسالة قوية مفادها أن نيودلهي ما زالت تنظر إلى العلاقات مع موسكو باعتبارها عنصراً أساسياً من سياسة الهند الخارجية. كما اتفقت الهند وروسيا على تعزيز الشراكة الدفاعية انسجاماً مع برنامج «صنع في الهند». وهكذا، فإذا كان القطاع العام الوحيد الذي كان منخرطاً في التعاون الدفاعي بين البلدين حتى الآن، فإن المبادرات الجديدة ستشجع التصنيع المشترك لمنتجات دفاعية في الهند وتحفز القطاع الخاص على لعب دور في إنشاء وتطوير قاعدة قوية للصناعة العسكرية في الهند، وهو ما من شأنه أن يقلص في النهاية من اعتماد الهند على واردات الدفاع. ويشار إلى أن برنامج «صنع في الهند» يهدف أيضاً إلى تحول الهند إلى لاعب أساسي في سوق الدفاع العالمية. وفي هذا الصدد، من المتوقع أن تنفق الهند 250 مليار دولار خلال العقد المقبل من أجل تطوير جيشها؛ وروسيا ترغب في اغتنام هذه الفرصة لتصبح جزءاً رئيسياً من هذه العملية، حيث عبّرت عن استعدادها للعمل بشكل مشترك مع الهند بخصوص الصناعة الدفاعية. وعلاوة على ذلك، فإن من شأن تعزيز العلاقات الدفاعية مع روسيا أن يساعد أيضاً على احتواء الانخراط المتزايد بين روسيا وباكستان. إن التطور الكبير في علاقات الدفاع الروسية الصينية، والميول المتزايدة لسياسة الصين الخارجية لتأكيد قوتها في المحيطين الهندي والهادي، والعلاقات الأميركية الباكستانية، والعلاقات الصينية الباكستانية. كلها عوامل ستشجع الهند على مواصلة تعزيز علاقاتها مع روسيا. وفضلا عن ذلك، فإن نيودلهي في حاجة للدعم الروسي في مساعيها الرامية للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وللانضمام إلى منظمات أخرى متعددة الأطراف مثل منظمة شنغهاي للتعاون. ومن الواضح أن العلاقات الهندية الروسية بالغة الأهمية بالنسبة لكلال البلدين وسط بيئة أمنية عالمية متغيرة. غير أنه إذا كانت زيارة مودي قد أطلقت عملية تعزيز العلاقات الثنائية، فإنه ينبغي القيام بالمزيد إذا أريد للعلاقة أن تلعب الدور الذي يتوقعه كلا البلدين. سوميت كومار: باحث بجامعة بونديشيري الهندية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»