رفض لأولاند وساركوزي.. وصعود لليمين المتطرف «لوموند» صحيفة «لوموند» خصصت افتتاحية عددها ليوم الخميس لتقييم طريقة تعاطي الاتحاد الأوروبي مع سيول اللاجئين المتدفقين على أوروبا هرباً من الحروب والمآسي في الشرق الأوسط، وخاصة من سوريا، طريقة تميزت بانقسام كبير بين بلدان الاتحاد الثمانية والعشرين، على غرار عدد من الملفات والقضايا الأخرى، لتؤكد بذلك أسوأ ما في هذا الاتحاد، كما تقول، ألا وهو عجزه عن العمل الجماعي. فحسب الصحيفة، فإن بلدان الاتحاد منقسمة على نفسها حول موضوع الهجرة، ولديها أعذار تدفع بها، ومن ذلك أن مسألة الهجرة لا تندرج ضمن صلاحيات الاتحاد، وأنه ليس ثمة توحيد لقوانين حق اللجوء؛ إذ لكل بلد من بلدان الاتحاد تشريعاته الخاصة به في هذا المجال، كما أنه ليس ثمة سياسة مشتركة بخصوص الهجرة الاقتصادية التي لا علاقة لها بالحرب أو الاضطهاد الديني والسياسي. صحيح أن ثمة سياسة مشتركة حول مسألة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد، تتابع الصحيفة، إلا أنها لم تطبق أبداً حتى الآن، ومؤخراً فقط اتفقت بلدان الاتحاد على تزويد «فرونتيكس»، وهي الوكالة المكلفة بهذه المهمة، بالموارد المناسبة والكافية للعمل. وعلاوة على البعد الإنساني للأزمة، هناك أيضاً البعد الإستراتيجي، تقول الصحيفة: ذلك أن الأمر يتعلق بالنسبة للاتحاد الأوروبي بجواره المباشر، على اعتبار أن الشرق الأوسط يشكّل الحدود الجنوبية لأوروبا، والحروب المشتعلة هناك يمكن أن تمتد تداعياتها لتصل أوروبا على شكل هجمات إرهابية. البلد الوحيد الذي حفظ ماء وجه أوروبا، وفق الصحيفة، هو ألمانيا أنجيلا ميركل، التي جسدت ما كان ينبغي أن يكون جواباً أوروبياً على الأزمة، إذ تقول الصحيفة: عشرات الآلاف من البؤساء الفارين من الموت وأنقاض مدنهم وقراهم، والعائلات الهاربة من بلدان تبتلي بالحرب (مثل أفغانستان والعراق وسوريا)، ومأساة العصر الكبيرة هذه.. أزمة كان ينبغي على الأقل السعي للتخفيف منها جزئياً، وهذا ما فعلته برلين. والأرقام تعبّر عن نفسها. فألمانيا بمفردها استقبلت أكثر من مليون لاجئ في ظرف اثني عشر شهراً، ما يمثل 80? من العبء، هذا في حين قرر الاتحاد الأوروبي توزيع 160 ألف لاجئ بين بلدان الاتحاد الأخرى على مدى عامين، وفق إمكانيات كل بلد. الصحيفة اعترفت بصعوبة الأزمة وتعقيدها، ومن ذلك ما تنطوي عليه من خطر تسلل إرهابيين بين اللاجئين إلى أوروبا، لكنها شددت على أن أوروبا لم تكن في مستوى ما كان متوقعاً منها في 2015، معتبرةً أن عام 2016 سيشكل اختباراً جديداً لها مع تدفق أمواج مماثلة من المهاجرين على خلفية الحروب التي لم يتم إطفاؤها في الشرق الأوسط. لكن الصحيفة تؤكد أنه لم يفت الأوان من أجل التحرك والقيام بشيء ما. «لوفيغارو» صحيفة «لوفيغارو» نشرت ضمن عددها ليوم الجمعة نتائج استطلاع حديث للرأي وجد أن ثلاثة فرنسيين من أصل أربعة (74?) لا يرغبون في ترشح الرئيس فرانسوا أولاند أو سلفه نيكولا ساركوزي للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 2017، بينما كان رئيس الوزراء السابق ألان جوبيه الشخصية الوحيدة التي ترغب في ترشحها أغلبية الفرنسيين (56?). استطلاع الرأي الذي أجراه معهد «أودوكسا» وجد أن الرئيس الفرنسي الحالي والرئيس السابق متعادلان، إذ عبّر 24? فقط من الفرنسيين عن رغبتهم في ترشحهما للانتخابات الرئاسية المقبلة، في حين عبّر 74? منهم عن رأي معارض. وبالمقابل، حظي جوبيه بتأييد أغلبية الفرنسيين المستطلعة آراؤهم، علماً بأنه جاء في المقدمة سواء بالنسبة لأنصار اليمين من خارج حزب «الجبهة الوطنية» اليمني المتطرف (71?) أو بالنسبة لأنصار اليسار (62?). وعموماً، تقول الصحيفة، فإن نتائج استطلاع الرأي جاءت لتؤكد أن الفرنسيين يرغبون في تغيير السياسيين الحاليين (56?) الذين يُعتبرون غير مرضيين في نظرهم (88?). ووفق 55? من المستطلعة آراؤهم (مقابل 43?)، فإن وزير الاقتصاد إيمانويل ماركون هو الشخصية التي تجسد على أحسن وجه التجديد في عالم السياسة، وهو الوحيد الذي حظي بتأييد أغلبية الفرنسيين، سواء على اليسار أو على اليمين خارج حزب الجبهة الوطنية. «لوموند ديبلوماتيك» الكاتب والصحافي الفرنسي سيرج حليمي كتب في عدد هذا الشهر من «لوموند ديبلوماتيك» حول الصعود المطرد لحزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف خلال السنوات الأخيرة، لاسيما خلال الانتخابات المحلية الأخيرة التي حصد فيها الحزب نتائج غير مسبوقة، ما دق ناقوس الخطر بالنسبة لليسار واليمين على حد سواء، ودفع الجميع للاستنفار من أجل التصدي للخطر القادم، حيث اضطر الحزب الاشتراكي الفرنسي، مثلا، لسحب مرشحيه في بعض الدوائر الانتخابية والإيعاز لأنصاره بالتصويت لمرشح حزب يمين الوسط («الحزب الجمهوري» بقيادة ساركوزي). ويقول الكاتب إنه إذا كانت مشاعر الاستياء في إسبانيا، والتي تولدت عن الاختيارات الاقتصادية المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي قد أفضت إلى صعود عدة أحزاب جديدة إلى واجهة المشهد السياسي في إسبانيا، فإن حزب «الجبهة الوطنية» في فرنسا هو المستفيد الأكبر من مشاعر الغضب الشعبي، لدرجة أن أفكاره باتت تلهم كل خصومه تقريباً. وعن أسباب هذا الصعود، يقول حليمي إن الحزب استفاد من تضافر ظروف مثالية، ذاتية وموضوعية، من تردي الوضع الاقتصادي واستفحال البطالة واستثقال «المشروع الأوروبي»، إلى تدفق اللاجئين على أبواب أوروبا، والهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس مؤخراً.. يضاف إلى ذلك كله ضعف وتآكل الحزب الاشتراكي الذي يتقاسم مع اليمين مسؤولية السياسات الليبرالية الجديدة. ونتيجة لكل هذه العوامل وغيرها، يقول الكاتب، لم تعد توجد في المشهد السياسي الفرنسي اليوم قوة سياسية تُظهر من الحماس والانسجام قدر ما يُظهره اليمين المتطرف، وتعطي الجمهور الشعور بأنها تعرف الطريق الذي ينبغي سلوكه وأنها تملك المستقبل مثلما تفعل الجبهة الوطنية. إعداد: محمد وقيف