تركز حملات المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية على الشرق الأوسط وأمن الولايات المتحدة؛ وهو ما يرجع للهجمات الإرهابية الأخيرة، تحت راية الإسلام الراديكالي، في باريس وكاليفورنيا. وفي المناظرات الرئاسية، أجمع المرشحون الرئاسيون على أن تنظيم «داعش» يمثل تهديداً جوهرياً للأمن القومي الأميركي، وقدموا آراءً بشأن الاستجابة التي يرونها صائبة لهذا التهديد. هناك حالياً 11 مرشحاً جمهورياً، وثلاثة مرشحين ديمقراطيين يخوضون السباق الانتخابي. ويوجه جميع المرشحين الجمهوريين انتقادات شديدة للسياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما، ووزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية في السباق الانتخابي الراهن. وشكواهم الرئيسة بشأن تلك السياسة، تتلخص في أن أوباما قد أخفق في التعامل مع «داعش»، وأن لديهم توصيات سياسية مختلفة بشأن الكيفية السليمة للتعامل مع التنظيم الإرهابي. لكنهم لدى تقديهم تلك المقترحات يظهرون جهلهم وسوء تقديرهم للأمور: فالمرشح الجمهوري الرئيسي دونالد ترامب مثلا، أعلن أثناء مناظرة له، أن الولايات المتحدة يجب أن تمنع جميع المسلمين من دخول أراضيها إلى أن تعرف «ما الذي يجري»؛ وهو اقتراح لقي انتقادات حادة من جانب المرشحين الجمهوريين الآخرين. أما المرشح الجمهوري البارز الآخر، جيب بوش حاكم فلوريدا السابق، فقدّم اقتراحاً معدلاً لاقتراح ترامب بشأن المسلمين، يدعو فيه إلى منع اللاجئين السوريين المسلمين، مع الحرص في نفس الوقت على السماح للمسيحيين منهم بدخول البلاد. أما المرشحون الديمقراطيون الثلاثة، فاختلفوا بشدة مع مسألة فرض قيود على الهجرة التي اقترحها الجمهوريون. فهيلاري قالت: إن ما يدعو إليه ترامب، يساعد «داعش» لأنه يثبت في حالة تنفيذه أن الولايات المتحدة مناوئة للمسلمين، وأن الولايات المتحدة يجب، بدلاً من ذلك، أن تتعامل مع القادة المسلمين من حلفائها الذين يحاربون هذا التنظيم، وتتمسك بالتزامها الأخلاقي بمساعدة المدنيين السوريين الفارين من جحيم الحرب في بلادهم. واتفق المرشحان الديمقراطيان الآخران على أن تقاليد الولايات المتحدة الراسخة في الترحيب بالمهاجرين، تعني أنه لا يجب بحال فرض قيود أو إقامة حواجز جديدة أمام الهجرة. وإذ تظهر استطلاعات الرأي أن الشعب الأميركي يعارض إرسال قوات برية أميركية إلى سوريا، فإن المرشحين جميعاً، جمهوريين وديمقراطيين، لم يدعوا إلى ذلك، وإن قدّم بعضهم مقترحات عمومية، تدعو الولايات المتحدة للتفكير في إمكانية القيام بعمل عسكري. ويشار في هذا الصدد إلى أن هيلاري دعت لإقامة منطقة حظر طيران، دون أن تتطرق لتكلفة إقامة مثل هذه المنطقة أو المنافع المترتبة عليها. وإقامة منطقة حظر طيران أمر يمثل تحدياً صعباً للرئيس أوباما، الذي كان قد فكر من قبل في إقامة مثل هذه المنطقة على امتداد الحدود السورية التركية؛ لكنه لم يمض قدماً بسبب التعقيدات التي تكتنف هذا الإجراء. ومن المواضيع الأخرى المثارة في سياق الحملة الانتخابية الرئاسية، ذلك المتعلق بتحديد ما الذي يجب أن يمثل أولوية قصوى للولايات المتحدة: محاربة «داعش» أم إسقاط نظام بشار الأسد؟ حاكم أوهايو «جون كاسيتش» يقول إن الولايات المتحدة يجب أن تركز على إسقاط الأسد؛ فيما يحذِّر سيناتور فلوريدا «ماركو روبيو» من أن يتحول هذا الأمر لسياسة عريضة لتغيير النظم في الشرق الأوسط. أما سيناتور تكساس «تيد كروز» فيعارض تغيير النظام في سوريا، ويرى أن الولايات المتحدة يجب أن تركز على محاربة «داعش»، وألا تشغل بالها بمحاولة إسقاط الأسد. أما المرشح دونالد ترامب الذي يتصدر استطلاعات الرأي حالياً فيعارض تغيير النظام السوري. أما بالنسبة لموضوع السياسة الأميركية تجاه إيران، فهناك خلافات حادة بين المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين حولها. فكل المرشحين الجمهوريين تقريباً، يعارضون الاتفاق النووي الذي توصل إليه أوباما مع إيران، وقد وعدوا بالعمل على إلغائها في حالة انتخاب أي منهم. أما هيلاري والمرشحان الديمقراطيان الآخران، فيؤيدون هذا الاتفاق بقوة، ويرون أن من مصلحة الولايات المتحدة مواصلة الالتزام به. والحقيقة أن تركيز الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية على موضوع السياسة الخارجية أمر غير معتاد. ورغم أن النتيجة التي ستنتهي بها هذه الانتخابات غير معروفة؛ فالمتوقع- إذا ما انُتخبت شخصية مثل هيلاري- هو أنها ستكون أكثر حزماً من أوباما في مجال السياسة الخارجية، رغم أنها ستواصل، كما هو متوقع، اشتباكها الإيجابي مع أصدقاء أميركا في المنطقة. أما إذا فاز أحد المرشحين الجمهوريين بالرئاسة، فالأمر سيكون مختلفاً عن ذلك تماماً، لكن على نحو لا يمكن التنبؤ به حالياً. ـ ــ ـ ــ ـ ويليام رو* *كاتب ودبلوماسي أميركي سابق متخصص في الشؤون العربية