القراءة غاية نبيلة ووسيلة لابد منها لبناء المعرفة وامتلاك مفاتيح المستقبل، وعام الإمارات الجديد سوف يتحول إلى ورشة جماعية للقراءة الواعية والمفيدة، بناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، باعتبار عام 2016 عاماً للقراءة. وقد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، بتوجيه الحكومة بتهيئة المناسبة لترجمة هذا القرار الحكيم، لتعم الفائدة وتكون القراءة في العام الجديد محوراً للنشاط الخلاق الذي ستكون له ثماره وإيجابياته. ستكون أمام الشباب والطلاب والموظفين والباحثين ومختلف شرائح المجتمع في دولة الإمارات، فرصة لإغناء الذات واكتساب معارف إضافية. وإلى جانب المعرفة العلمية وإضافة الجديد في مجالات التخصص، يحمل فعل القراءة متعة روحية، وفيه صقل للذاكرة وانفتاح على العالم بتاريخه وتحولاته وتطورات علومه. ومن ثم فتح آفاق للذات لتقديم إضافة خاصة وإنتاج معرفة جديدة. ولطالما كانت القراءة فعلاً نخبوياً ونشاطاً يومياً في حياة المثقفين والمهتمين ومن تتطلب أعمالهم الأكاديمية الارتباط الدائم بالكتب والمجلدات. لكن علينا في هذا العام أن نجعل من القراءة سلوكاً أصيلاً في الحياة اليومية للفرد. وسوف نجني ثمار هذا التوجه مستقبلا على مستوى البحث العلمي والتأليف والترجمة والابتكار. ويجب أن ينجح عام القراءة في تحقيق الهدف الأساسي منه، وهو أن تكون القراءة جزءاً لا غنى عنه في حياتنا اليومية. وكما أصبح التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو الرقمية الحديثة إدماناً لدى البعض، نتمنى أن تتحول القراءة إلى إدمان يومي وأن تنفتح شهية الأفراد لالتهام مزيد من الكتب. فالإحصائيات حول مستوى القراءة في عالمنا العربي ليست جيدة. ولابد أن نسعى في الإمارات لتحقيق نسبة قراءة عالية والمحافظة عليها، لأن القراءة كانت وستبقى بوابة مفتوحة للطموح نحو مستقبل أفضل للفرد والمجتمع. وعام القراءة فرصة لإحياء المكتبات العامة المنتشرة في ربوع الدولة، وتحفيز شبابنا على التسابق في المدارس والجامعات والمعاهد إلى مكتباتها، لدفع الإدارات المختصة إلى تطوير تلك المكتبات ورفدها بالإصدارات الجديدة، وذلك سينعكس بالتأكيد على جودة التعليم والبحث العلمي في الجامعات. كما يعد عام القراءة فرصة لنفض الغبار عن المكتبات الخاصة في المنازل، وتحفيز الأطفال على القراءة، مع ضرورة الاعتناء بالوسائط التكنولوجية الحديثة التي اقتحمت حياتنا، بحيث يتم تكييفها لجعلها أدوات تسهم في تقريب حياتنا اليومية من فعل القراءة والتلقي الناضج، واستثمار الوقت لممارسة القراءة وتنمية مهاراتها، وصولاً إلى جعل القراءة نشاطاً دائماً يرافقنا بمتعة وإرادة ذاتية واندهاش. إن شبكة المكتبات العامة المنتشرة في الإمارات، مجهزة بأحدث الوسائل، وتضم أمهات الكتب في مختلف العلوم والفنون، ويجري تحديثها ورفدها بالجديد كل عام، كما أن البحث عن العناوين والمؤلفات يتم إلكترونياً بغية تسهيل وصول القارئ إلى الكتاب الذي يرغب في قراءته. ولعل المقياس الأولي لرصد مؤشرات مدى تفاعل المجتمع مع القراءة في عامها سيكون لدى إدارات المكتبات العامة، رغم أنها لا تخلو من القراء على مدار اليوم. وبمناسبة عام القراءة، فإن ما تنتجه الإمارات من إصدارات محلية وعربية وترجمات ليس قليلاً، ومن شأن عام القراءة أن يكشف للقارئ حجم هذا الإنتاج. فالإمارات تضم عدداً لا بأس به من دور النشر التي لا تتوقف عن الطباعة، ومنها دور نشر فازت بجوائز في معارض دولية للكتاب، وتطورت صناعة الكتاب في الإمارات وصارت دور النشر الإماراتية تستقطب أسماء عربية. وأخيراً، فإن من أهم المشاريع الثقافية العملاقة التي ينبغي للقراء في الإمارات الاستفادة من إصداراتها الثرية، يأتي مشروع «كلمة» الذي أصدر حتى الآن مئات الأعمال من الترجمات الراقية، بتمويل من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة. ومرحباً بعام القراءة. ---------------- *كاتب إماراتي