لم يكن استخدام أوباما لحق «الفيتو» ضد إجازة مشروعي قانونين يهدفان إلى تقييد جهود الإدارة الأميركية في مكافحة ظاهرة التغير المناخي، مفاجئاً لأحد. وجاء استخدام الفيتو الرئاسي مرتين بعد أن وافق الكونجرس على مشروعي القانونين على الرغم من اعتراف حتى القادة «الجمهوريين» بطبيعتهما الرمزية، وذلك لأن الحزب «الجمهوري» يفتقد للعدد الكافي من الأصوات، لتجاوز قرار أوباما. وعندما اختار أوباما أسلوباً غير مألوف ولا ضروري لاختبار حقه في نقض مشاريع القوانين، فلقد حقق لخصومه «الجمهوريين» انتصاراً كبيراً لأنه سخر لهم طريقة ناجحة مخالفة للدستور تسمح لهم بالتصدي لممارساته السياسية. وهذا توضيح لهذه النقطة. ذلك لأن الدستور الأميركي يمنح الرئيس أحد خيارين لاستخدام حق الفيتو: الأول هو «الفيتو النظامي» regular veto أو ما يعرف باسم «حق الإعادة»، وحيث يعيد الرئيس مشروع القرار إلى الكونجرس مرفقاً بشرح يوضح أسباب اعتراضه عليه. ويعرف الثاني باسم «فيتو الجيب» pocket veto، والذي يخوّل الرئيس «إجهاض» المشروع من دون الالتزام بإعادته إلى الكونجرس (يعرف أيضاً بمصطلح «حق التحفّظ»). ومن المعروف عن أوباما أنه يفضل استخدام «فيتو الجيب» لسبب واضح لأنه يتميز بالحسم، ولا ينطوي على أخطار تجاوزه من طرف الأغلبية النيابية، إلا أن الدستور لا يسمح للرؤساء باختيار نوع "الفيتو"، الذي يرغبون فيه. وذلك لأن «الفيتو النظامي» غير مقيد بشروط وحيث يمكن إعادة مشروع القانون إلى الكونجرس لمناقشته والتصويت عليه من جديد. ولكنّ استخدام «فيتو الجيب» المنصوص عليه في البند1 من المادة 7 من الدستور، مقيّد بشرطين. أولهما هو أن يفضّ الكونجرس الاجتماعات المتعلقة بمشروع القانون المقترح، وأن يمنع الرئيس «إعادته» للمناقشة. ولقد استخدم الرئيس أوباما بالفعل نوعي الفيتو معاً ضد مشروع قانون الترخيص الدفاعي، وأعاده إلى الكونجرس بدعوى رفضه للطريقة التي ستستخدم فيها أموال الميزانية الدفاعية للإنفاق على الحرب. ويكمن الخطأ في ذلك بأن من حق الكونجرس أن يحظى بفرصة أخيرة لإعادة مناقشة مشاريع القوانين التي أجهضها حق "الفيتو" من أجل اختبار مواضع الخلل في النظام التشريعي. إلا أن «فيتو الجيب» بحد ذاته يتميز بمفعوله المطلق والحاسم، لأنه «يقتل» مشروع القانون من دون الحاجة لإعادته إلى الكونجرس. فكيف يمكن تفسير وجوده في صلب الدستور؟ والجواب هو أن فيتو الجيب كان ضرورياً من أجل منع الكونجرس من التملّص من الفيتو بإمرار مشروع القانون وفض جلسات النقاش المتعلقة به أو تأجيلها بسرعة حتى يقطع الطريق أمام الرئيس لإعادته. ولولا «فيتو الجيب»، لتحول أي مشروع قانون مثير للجدل إلى قانون نافذ خلال عشرة أيام من إمراره إن صادق الرئيس عليه أو لم يصادق. روبرت سبايتزير ـ ـ ــ ــ ـ ـ ـ ـ أستاذ محاضر في العلوم السياسية بمعهد «ساني» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»