شاهد قطاع كبير من العالم في حالة من الرعب التقارير وهي تتوالى في الأيام القليلة الماضية عن الهجوم الهمجي على باريس. فقد قتل 120 شخصاً على الأقل في عملية نسقت لها «داعش» فيما يبدو بدقة كبيرة. وقبلها بأيام قليلة كنت في مستشفى في منطقة الشرق الأوسط وكان أطباء مسيحيون ويهود ومسلمون يقومون على رعاية لاجئين سوريين وقعوا ضحية «داعش» والجماعات ذات الصلة بها. والآن انفجرت أزمة اللاجئين في المشهد السياسي الأميركي وامتدت موجة الجدل من قاعات الكونجرس إلى صفحة كل شخص تقريباً على «فيسبوك». وتتصارع في هذا الجدل مبادئ الأمن والرحمة باعتبار الولايات المتحدة حصناً وملاذاً. وأشارت بعض التقارير المبكرة أن واحداً على الأقل من الذين يشتبه في أنهم من الإرهابيين كان مسجلاً باعتباره لاجئاً سورياً ليستمتع بهذه المزية كي يستطيع الانتقال إلى فرنسا. وهذا جعل كثيرين في الولايات المتحدة وحول العالم يتساءلون بشكل مبرر عن السبب الذي يجعل بلداً يقبل المزيد من اللاجئين إذا كان هذا الإجراء يسمح لإرهابي بدخول البلاد. ومن الصحيح تماماً أن نؤكد على ضرورة أن تتبع الولايات المتحدة عملية قوية لفحص من هو حقاً اللاجئ ومن هو الذي يحاول أن ينتهز فرصة اللاجئ لتحقيق أغراض أخرى. ولهذا يتعين علينا في الولايات المتحدة أن ندقق بشكل أكبر في نوع النظام الذي تطبقه حكومتنا لفحص أي شخص يسعى للدخول كلاجئ. وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن يكون المسيحيون هم الأشخاص الذين ندير لهم ظهورنا في مهمتنا الميدانية. بل يجب علينا أن نكون الأشخاص الذين ندعوا باقي العالم ليتذكروا أعمال البر وضرورة الحفاظ على الكرامة البشرية لجميع الناس من المضطهدين، سواء كانوا مسيحيين أو يهود أو مسلمين أو من أي ملة ودين والذين يفرون من إرهاب «داعش» بخاصة. ويجب أن نستحضر في أذهاننا تاريخ القرن العشرين واللاجئين اليهود ومحرقتهم (الهولوكوست) في أوروبا، أو منع اليهود من الهجرة إلى إسرائيل في الاتحاد السوفييتي. فقد تجاهلهم المجتمع الدولي إلى حد كبير في ذاك الوقت. وقد يحتدم الجدل والخلاف في الرأي فيما بيننا بشدة بشأن كيفية الحفاظ على الأمن، لكن ما لا يتعين علينا فعله هو جعل القضية ديماجوجية. وهذا الموقف المعقد للجغرافيا السياسية يتطلب قدراً كبيراً من الحصافة لكنه يحتاج إلى التحلي بالفضيلة أيضاً. ويجب علينا مناقشة ما يتطلبه الأمر للتوصل إلى عملية تمحيص ملائمة للاجئين لكن يجب علينا ألا نسمح لأنفسنا أن ننخرط في هذا النوع من الخطاب الذي سمعناه في الأيام القليلة الماضية مثل ضرورة إصدار بطاقات هوية خاصة بالمواطنين الأميركيين المسلمين أو التفكير في عمليات تفتيش دون تصريح لمنازلهم ودور عباداتهم. فالخلاف بشأن إذا ما كانت عملية التدقيق ملائمة شيء، والسعي إلى إدارة ظهورنا إلى اللاجئين السوريين كلية شيء آخر. والأهم أنه يجب علينا ألا نسمح لخلافاتنا الداخلية بشأن اللاجئين أن تغطي على القضية الأكبر التي تتمثل في فهم القوة المحركة في المقام الأول لأزمة اللاجئين وهي ثقافة الموت المصحوبة بطموحات للهيمنة الإقليمية والعالمية. راسل مورو: كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»