الإمارات اليوم ما أكده «المصرف المركزي» الإماراتي مؤخراً، بشأن ارتفاع معظم مؤشرات عرض النقود في الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة يعكس العديد من الحقائق بشأن الأوضاع النقدية والمالية في الدولة بشكل عام، إذ إنه يشير في المقام الأول إلى تحسن مستويات السيولة المحلية، والمتمثلة في عرض النقود المتداولة لدى الجمهور، ولدى البنوك، بما في ذلك الودائع النقدية والحسابات الجارية والحسابات تحت الطلب، والتي زادت في شهر أكتوبر الماضي بنسبة تصل إلى 4.7% مقارنة بمستواها في شهر سبتمبر الماضي أيضاً. وهذا المؤشر يدلل على تحسن مستويات القدرة الشرائية في الاقتصاد الكلي الإماراتي، الأمر الذي من شأنه بطبيعة الحال أن يخلق هامشاً جديداً للتوسع والنمو أمام قطاع الأعمال القائم والمستثمرين الجدد الراغبين في الدخول في السوق المحلي أيضاً. الأمر الثاني الذي يجب تأكيده من خلال التقرير الأخير للمصرف المركزي الإماراتي، هو أن المؤشرات التي يحتويها التقرير أكدت ارتفاع قيمة إجمالي أصول المصارف العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بنهاية الشهور العشرة الأولى من عام 2015 بنحو 5%، مقارنة بمستواها في نهاية عام 2014. وهذا الارتفاع يشير إلى تحسن الأوضاع المالية للمؤسسات والمصارف العاملة ضمن القطاع المصرفي الإماراتي الذي يعد مؤشراً إلى تنامي قدرة القطاع على ممارسة دوره في توفير التمويل والقروض اللازمة، سواءً بالنسبة إلى المستثمرين –بمن فيهم المستثمرون الأفراد والمستثمرون في شكل مؤسسات- أو الأفراد العاديون. وهو أمر مهم للغاية في شأن تمكين الاقتصاد الإماراتي من المضي قدماً على طريق النمو والازدهار، والمحافظة على ديناميكيته وحيويته، على الرغم مما يشهده العالم من أزمات اقتصادية متلاحقة. وقد انطوى تقرير «المصرف المركزي» أيضاً، بالإضافة إلى تعليقات الخبراء والمصرفيين المتخصصين، على القطاع المصرفي الإماراتي في الوقت الراهن، على مؤشر آخر ذي دلالة مهمة على قوة ومتانة القطاع. إذ إن العام الحالي شهد توسعاً كبيراً غير مسبوق في منح القروض المصرفية، في مؤشر إلى الثقة الكبيرة بمناخ الاستثمار الإماراتي، وفي دليل جديد على تعدد القنوات الاستثمارية المتوافرة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، نظراً إلى حالة النمو والازدهار المتواصل التي يمر بها الاقتصاد الوطني. وهذا التحسن انعكس على حجم الطلب على الائتمان المصرفي في الدولة. ومن ثم فإن حالة الثقة العامة بالأوضاع الاقتصادية في الدولة، وكذلك التحسن المستمر في الأوضاع المالية بالنسبة إلى القطاع المصرفي، شجعت المصارف العاملة في الدولة على منح المزيد من القروض لمختلف القطاعات، ولاسيما أن المصارف لديها ثقة تامة بأن الأموال التي يتم تخصيصها لمنح الائتمان سوف يتم استردادها، بل وتحقيق العائدات المنشودة منها، من دون أي تهديدات أو مخاطر. هذه المؤشرات المصرفية والمالية وتحسنها المستمر على هذا النحو، جزء لا يتجزأ من التحسن الذي تشهده الأوضاع الاقتصادية الكلية في الدولة كلها، التي تسير وفق رؤى مستقبلية طموح، وذات أهداف محددة، ويتم التقدم نحوها بناء على خطط وبرامج ذات مراحل وآليات وتوقيتات زمنية واضحة. وهو النهج الذي دأبت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ نشأة دولة اتحادها، منذ عهد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومازالت تسير على النهج نفسه، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وهي تحتفل باليوم الوطني الرابع والأربعين. ـ ــ ـ ـ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.