لقد أدخل الصراع العربي الصهيوني مفردات جديدة في تاريخ العالم وآليات الصراع، فالفلسطينيون الذين دفعهم الصهاينة إلى حافة اليأس، رأى بعضهم أن أفضل ما يفعلون أن يأخذوا المحتلين معهم إلى الفناء المشترك، فقاموا بخطف الطائرات وتفجيرها، ثم جاء دور الأحزمة الناسفة، التي ظهرت في العالم فيما بعد، مذكرين بنفس المأساة اليهودية بالانتحار الجماعي في قلعة «الماسادا» (Masada)عام 72 ميلادية، حين حاصر القائد الروماني تيتوس(Titus)القلعة وفيها 700 من اليهود، بعد أن دمر القدس، وبدأ اليهود رحلة المنفى «الدياسبورا»! ومات يهود «الماسادا» يومها بانتحار جماعي، فقتل الأزواج زوجاتهم وأطفالهم، ثم قتل البقية بعضهم بعضاً، ومن لم يمت بقر بطنه ونحر نفسه، فدخل القائد الروماني «تيتوس» للإجهاز عليهم فلم يعثر على نفس حي! وهكذا فعل الصراع العربي الصهيوني، الذي عمم هذه الوسيلة بتفجير الطائرات والانتحار بالأحزمة الناسفة، محولين مطارات العالم إلى حفلات تفتيش، حيث يفتش فيها الناس، من نساء وأطفال وعجائز ومسنين، على امتداد أقطار الكرة الأرضية الأربعة، ولذا علينا أن نتذكر جيداً، أن معظم النار من مستصغر الشرر، وأن درهم وقاية خير من قنطار علاج. وقد حاول الروس قدر الإمكان أن يتكتموا على موضوع الطائرة المدنية التي تم وقع إسقاطها، ليقولوا في البداية إن التحقيقات في أسباب الحادث لم تسفر عن شيء، ومَن نشر الخبر لم يكن هم بل خصومهم من البريطانيين والأميركيين، حين قالوا: رصدت عيوننا في السماء صدور وميض حراري مروع من بطن الطائرة، التي هوت في لحظات من علو كيلومترات، بعد أن انفلقت فطار الذيل قبل الجسم، فهوت في ثوانٍ، كما حدث مع سفينة «التايتانيك» حين غرقت وهي التي خصصت للصمود، فغرقت في أول رحلة لها. وزعيم الغلاة في لبنان يضرب هو أيضاً كفاً بكف، بعد أن تفجرت الضاحية الجنوبية بانتحاريين، أخذوا معهم يوم الخميس 12 نوفمبر 2015 27 قتيلًا وأكثر من 120 جريحاً. لقد كتب يوما «فرويد» إلى «آينشتاين» في رسائل عرفت بأفكار لأزمنة الحروب أنه إذا كان الفرد يولد من الحب -سماه في نظريته النفسية بالليبيدو- فإنه مزود أيضاً بغريزة الموت والتدمير والإفناء وقد سماها هي أيضاً «التانتوس»! والحاصل من كل هذه النزاعات والصراعات، والحروب، والكوارث الكبيرة، والمصائب الكثيرة، والشرور المستطيرة، أننا نعيش الآن في زمن رديء نرى تجلياته في أكثر من اتجاه بين عراق يتفتت، ويرجع إلى ألف عام. وروسيا تبكي قتلاها. وكذلك قتل الصراع الدامي من السوريين ما لم يؤرخ أعدادهم كتاب أو تحصهم المقابر. فهذه هي بشاعة الحرب كما وصفها يوماً الشاعر العربي القديم امرؤ القيس حين قال: الحـــــــرب أول ما تكـــــــــون فتيــــــــــــــة تســــــــعى بزينتهــــــــــا لكــل جهــــول حتى إذا اســتعَرت وشـبّ ضرامـهـا عــادت عجـــــوزاً غيـــــر ذات خليــــــــل شــــمطاء جـــــزت رأســـــها وتنكّـــــرت مكــروهـــــــة للشـــــــــــــم والتقبيــــــــــــــل