في التراث الفني العالمي شخصية خيالية لها رأس واحد وقدمان.. وأيدٍ لا تُحصى.. وهذا ما يبدو أن المملكة العربية السعودية تحتاج إليه اليوم، وسط كل هذه القضايا والتحديات والمشاكل التي تجابهها، ولا نريد أن نحصيها هنا، بل أن نتذكر بعضها: مقاومة الإرهاب والتصدي لـ «داعش»، والصراع مع إيران و«الحوثيين» في البر والجو، الحرب السورية وتطوراتها، العلاقات السعودية الأميركية، تطورات العراق، انخفاض أسعار البترول، والشد والجذب بين «الإسلاميين» و«الحداثيين» مشكلة البطالة والإسكان، مطالب المرأة، أوضاع التعاون الخليجي.. إلخ، سنتحدث عن مخاطر الإرهاب مثلاً. جاء في بعض الصحف أن السلطات السعودية ألقت القبض على 442 مطلوباً أمنياً و«داعشياً» خلال 70 يوماً. وتقول صحيفة «الشرق الأوسط»: «لعب سعودي- استعادته السلطات السعودية من العراق في وقت سابق - دور المجند والداعم اللوجستي لخليتين ضبطتا في العاصمة الرياض ومدينة الدمام بالتزامن مع نهاية الأسبوع الفائت». وحسب معلومات أمنية حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن عقيل بن عميش المطيري الذي قُتل في مداهمة أمنية بالرياض أول من أمس، كان ممن استعادتهم السلطات الأمنية من العراق وسجن بعدها ثلاث سنوات.. وتقول المصادر: المطيري عمل على تجنيد صغار سن وتوفير أماكن تؤوي أعضاء الخلايا المضبوطة. والمطيري الذي لقي حتفه، لم يكن هو قائد الخلايا، بل «فهد بن فلاح بن سليمان الحربي، الذي عمل على استئجار أماكن سكنية لاستدراج صغار السن وغسل أدمغتهم وإقناعهم بارتكاب الأعمال الإجرامية. الخلايا التي أعلنت عنها الداخلية السعودية في بيان لها أمس، كانت في مرحلة متقدمة من التجهيز لتنفيذ عمليات انتحارية» [29-9-2015]. أخذ الإرهاب هناك منحى جديداً، وتحول إلى تهديد اجتماعي لا يعرف الحدود، حيث أظهر مقطع فيديو مجموعة تهدد بقتل ذويها في السعودية «إذا لم يتوبوا من ردتهم»، ويأتي هذا التوعد في «غمرة» احتفائهم بإقدام شاب سعودي يدعى «سعد العنزي» على قتل ابن عمه «مدوس العنزي» في أول أيام عيد الأضحى، في حادثة هزت المجتمع السعودي، وتمكنت قوى الأمن من إلقاء القبض عليه بعد يومين من الحادثة المروعة، ارتكب سعد الجريمة البشعة مصطحباً شقيقه المصور عبدالعزيز قتل ابن عمهما المسجل في الجيش، عبر إيهام القتيل بأنهم في نزهة برية، ثم إعدامه علناً، وتقديم هذه «الهدية» لخليفة داعش، تم التخلص من أحد جنود جيش الأعداء. كان «عقيل عميش المطيري» المشار إليه في أول المقال ممن ظهرت أسماؤهم على قائمة المطلوبين الـ 85 وبعد اتصاله بالسلطات من داخل العراق عام 2010 مبدياً رغبته في العودة وتسليم نفسه استجابت السلطات وسهلت له العودة عبر المنافذ الحدودية مع الأردن، وخضع بعد عودته إلى برنامج المناصحة وتم سجنه مدة ثلاثة أعوام قبل أن يطلق سراحه، ويُعاد إلى وظيفته السابقة، إلا أنه جدد الاتصال مع مسؤول في «داعش» كان يؤمن بقدرات «عقيل عميش» الحاسوبية، إذ لم يلبث حتى غادر إلى العراق وانخرط في التنظيم «المطيري». وقالت جريدة «الحياة»: «إنه من مواليد منطقة القصيم ويبلغ 41 عاماً، ترك تعليمه عند المرحلة الثانوية وعمل في شركة الكهرباء، وقُبض عليه عام 2003 لاعتناقه الفكر المتطرف، وأُدخل السجن مدة 8 أشهر، وفر بعدها إلى العراق، وكان خبيراً في أجهزة الحاسوب، ومن المؤسسين لأبرز المواقع الإلكترونية الجهادية على شبكة الإنترنت»، وجاء في التقرير نفسه أن منفذ الجريمة الإرهابية التي استهدفت مسجد قوات الطوارئ في «أبها» كان على ارتباط مباشر بعقيل المطيري، ونجم عن التفجير بالحزام الناسف وسط رجال الأمن أثناء أداء الصلاة، مقتل 15 شخصاً. [29-9-2015]. لم يتوقف الإرهاب عند هذا الحد بل تأثرت منه كذلك مظاهر العبادة ودورها، إذ إنه وخلال الفترة الأخيرة عمدت إدارات المساجد في المنطقة الشرقية إلى إغلاقها في خارج أوقات الصلاة وفتحها عند الأذان والصلاة ثم إغلاقها ثانية، إلا في حالات الضرورة. الشيخ عبدالرحمن عقل، إمام مسجد في الدمام صرح بالقول: «حالياً نكتفي بفتح المسجد لفترة الصلاة تحسباً لعبث العابثين الضالين المنحرفين عن دين الله وسُنة رسوله». ولم يكتف الإرهاب بزرع عناصره في بعض المدن السعودية، بل قام كذلك ببناء بعض المعامل في العاصمة نفسها، لتصنيع الأحزمة الناسفة، تسهيلاً لمهام منفذي العمليات الانتحارية، كالمعمل السري الذي ضبطته وزارة الداخلية مؤخراً، وبجواره مأوى لمنفذي العمليات، وكان يداران بواسطة شخص سوري الجنسية يقوم بصناعة المتفجرات ومساعدته الفلبينية، التي قال عنها السوري «ياسر محمد شفيق البرازي»، إنها هاربة من كفيلها، وأنها «سبية» من سبايا البرازي، واسمها «ليدي جوي نانج»، وأنها «تساعده في خياطة وتحضير وتجهيز الأحزمة الناسفة، وعادة ما ترتدي في غيابه حزاماً ناسفاً، كما تأكد قيامه بتشريك المنزل من الداخل والخارج بمواد شديدة الانفجار» [الشرق الأوسط 4-10-2015]. هذه لمحة عابرة عن بعض الأخطار المحدقة اليوم بالمجتمع بالمنطقة، وأحد التحديات، من بين قضايا كثيرة، العديد منها قضايا تمتد آثارها خارج المملكة إلى بقية دول مجلس التعاون والعالم العربي برمته. خليل علي حيدر ـ ــ ـ ـ ــ ـ ـ ــ ـ ـ ـ كاتب ومفكر - الكويت