رسالة ثلاثية في الأزمة السورية.. وتمييز منتجات المستوطنات ليس «عداءاً للسامية» «يديعوت أحرونوت» يوم الثلاثاء الماضي، وتحت عنوان «حان الوقت للإصغاء للإسرائيليين الصامتين»، نشرت «يديعوت أحرونوت» مقالاً لـ«جون مايكل كيبرك» استنتج خلاله أن جميع الكلمات التأبينية التي صدرت بمناسبة الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين، اتسمت بجعل اسمه مرادفاً لليسار الإسرائيلي. الكاتب يرى أن اغتيال رابين في الخامس من نوفمبر عام 1995 كان نقطة تحول في السياسات الإسرائيلية. الرجل كان آخر قائد إسرائيلي حقيقي ينتمي إلى المفكرين الليبراليين، وبعد رحيله، بات اليسار الإسرائيلي في حالة غيبوبة، ولا توجد حتى الآن مؤشرات على استفاقة اليسار منها. والآن بات التحدي السياسي الوحيد في البلاد هو بينيامين نتنياهو، الذي يشغل عدة حقائب وزارية، والذي يواجه تحدياً من داخل أحزاب اليمين أيضاً، خاصة من شخصيات مثل «نفتالي بينيت»، وزير الأمن في الحكومة الإسرائيلية، و«إيليت شكيد» وزيرة العدل في الحكومة الإسرائيلية وهي عضو بحزب «البيت اليهودي»، وشخصيات من هذا النوع جعلت نتنياهو ينجرف صوب أقصى مدى ممكن في سياسات اليمين الإسرائيلي، ولكن القول بأن «اليسار الإسرائيلي قد مات» ليس إلا «نصف الحقيقة»، ذلك لأن صعود «اليمين» الإسرائيلي أسفر عن تغيرات في المجتمع الإسرائيلي برمته، وتداعيات هذا الصعود، تشبه الآثار التي أحدثها حزب «الشاي» في السياسات الأميركية، فالطيف السياسي كله انعطف نحو «اليمين»، وكأننا أمام خطة لتجنب «صاروخ» غير موجود أصلاً. وقياساً على الدول المتقدمة، يصبح من الصعب اعتبار حزب «العمل» الإسرائيلي ممثلاً لتيار «اليسار»، وبعد 20 عاماً على مقتل رابين، بات «العمل» حزباً غير مهم، وبات «اليمين» هو الذي يمثل «تيار الوسط»، ومن ثم باتت الأفكار الغريبة الخاصة باليمين المتطرف مبررة ويتم تطبيقها على أرض الواقع. «هآرتس» في افتتاحيتها أمس الجمعة، وتحت عنوان «سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه تحديد منتجات المستوطنات ليست عداءً للسامية، بل جرس إنذار»، رأت «هآرتس» أن قرار الاتحاد الأوروبي الرامي إلى وضع ملصقات على منتجات المستوطنات، تمييز منتجات المستوطنات، وتمييزها عن المنتجات الأخرى التي يتم تصنيعها في إسرائيل، هو قرار يحمل في طياته تحذير صادر من أصدقاء إسرائيل، الذين يحاولون مد يد العون إليها لأنها تغرق في مستنقع سياسات الاحتلال والسير بعيداً عن الديمقراطية والقيم الغربية. وترى الصحيفة أن الضرر الذي قد يترتب على الاقتصاد الإسرائيلي جراء التمييز الأوروبي لمنتجات المستوطنات يكاد يكون غير ملحوظ، لكن أهمية القرار تكمن في الرسالة الدبلوماسية التي يحملها، ألا وهي أن الأراضي المحالة ليست جزءاً من إسرائيل، وأن العالم المستنير يعارض بشدة بناء المستوطنات. ردود فعل نتنياهو وأحزاب المعارضة الإسرائيلية كانت عاجلة ومتسرعة، ووجهت اتهامات للأوروبيين بالنفاق ومعاداة السامية، وحتى وزارة الخارجية الإسرائيلية ألغت اجتماعاً كان مقرراً مع الأوروبيين بهدف تقديم مساعدات للفلسطينيين. «تايمز أوف إسرائيل» في مقالها المنشور بموقع «تايمز أوف إسرائيل» يوم الإثنين الماضي، وتحت عنوان «شارات وملصقات»، كتبت «نيعومي خازان» رئيس مجلس الكنيست سابقاً وعميدة مدرسة المجتمع والحكم في كلية تل أبيب، مقالاً استهلت بالقول إن إسرائيل شنت حملة شاملة ضد قرار الاتحاد الأوروبي الذي يفرض وضع علامات على منتجات المستوطنات، وبالتزامن مع القرار الأوروبي، طرحت وزيرة العدل الإسرائيلية «إييليت شاكيد» نص مشروع قانون يجبر ممثلي المنظمات غير الربحية الذين يتلقون غالبية تمويلهم من الحكومات الأجنبية وخاصة الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي لارتداء شارات تعلن مصادر دعمهم. وتتساءل الكاتبة: كيف يمكن لإسرائيل تبرير معارضتها وضع علامات على المنتجات، بينما تستعد إسرائيل لسن قانون «يضع علامة على بعض مواطنيها»؟ وتجيب «نيعومي» بأن إسرائيل لا يمكنها فعل تلك الحماقة التي تقوض- والكلام للكاتبة- ما تبقى من ديمقراطية في إسرائيل، ومبادرة «شاكيد» التشريعية الجديدة، هي الأحدث في سلسلة مقترحاتها خلال السنوات الخمس الماضية من أجل تشويه سمعة منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وسحب التمويل عمها، وذكّرت الكاتبة بمساعي وزير الخارجية السابق «أفيجدور ليبرلمان» عام 2011 لإجراء تحقيق برلماني مع منظمات حقوق الإنسان معتبراً إياهم «منظمات إرهابية تحرض على الإرهاب»، لكن مساعيه فشلت داخل الكنيست. «جيروزاليم بوست» خصص «توفا لازاروف» مقاله المنشور أمس في «جيروزاليم بوست» لرصد نتائج زيارة نتنياهو لإسرائيل التي انتهت الخميس الماضي، فتحت عنوان «نتنياهو يعود بتقدم في الملفين الإيراني والسوري لكن في الشأن الفلسطيني تظل الأمور متعثرة»، أشار الكاتب إلى أت رئيس الوزراء أحرز نجاحاً في إبرام مذكرة تفاهم مع واشنطن بمقتضاها تحصل إسرائيل على مساعدات عسكرية إضافية خلال العقد المقبل، وذلك تجديداً لمذكرة سابقة سينتهي العمل بها في 2017. نتنياهو أوضح لإدارة أوباما ثلاث نقاط حول الأزمة السورية تتمثل في أن إسرائيل لن تسمح لإيران بتجهيز جبهة أخرى ضد إسرائيل في الجولان، ولن تسمح للجيش السوري أو أي قوة أخرى باستخدام الأراضي السورية للهجوم على إسرائيل، ولن تسمح باستخدام الأراضي السورية لنقل السلاح إلى «حزب الله». إعداد: طه حسيب