سياسة الإمارات الخارجية منذ أن أرسى دعائمها المغفور له بإذنه تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، كانت خضراء وسياستها الإنسانية بيضاء للمستفيدين في كل أصقاع المعمورة. ففي اليمن يد الأمل ممتدة قبل عقود مضت من ساعة عاصفة الحزم وهي حقائق تشهد لها الإنسانية كافة دون منّة من أحد. ترى ما هو الهدف الأسمى من ممارسة هذه الدبلوماسية البيضاء على أرض العروبة الأصيلة في اليمن المليئة بالحكمة والحكماء، فالدافع الأهم هو تحقيق الأمن والاستقرار وجلب الطمأنينة إلى نفوس الذين ضحوا بأرواحهم وأموالهم من أجل تحرير هذا البلد الخير من ربقة «الحوثيين» وصالح وأتباعه وبالدرجة الأولى منع إيران من المكوث هناك إلى حال تنقية المجتمع من أدناس وأرجاس هؤلاء. ولو ألقينا نظرة فاحصة على نوعية المساعدات الإنسانية لأدركنا بأنها لإعادة بناء الإنسان اليمني وتأهيله حتى يؤدي دوره المستقبلي في التعمير والإنجاز. ولا نريد أن نؤشر على الأرقام المجردة من المعاني، بل المعاني التي تضفي على المباني معاني أخرى من العزة والأنفة وعدم الخضوع لأهواء المرتزفة الذين باعوا كل المعاني السامية من أجل مبانٍ هاوية. إننا عندما نعلم بأن مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية قد وزعت في العام 2013 مكرمة رئيس الدولة، حفظه الله، بما قيمته نصف مليار درهم من أجل إفادة نحو مليون أسرة يمنية، أي لأكثر من ثلاثة ملايين فرد يمني وذلك دون أن تغفل كذلك احتياجات الفئات الضعيفة وذوي الاحتياجات الخاصة جداً، وهي على سبيل المثال لا الحصر، حيث قامت المؤسسة أيضاً بتوزيع أكثر من 240 مجلداً تتضمن 40 نسخة من المصحف الشريف بلغة برايل للطلاب المكفوفين من منتسبي مركز النور الحكومي، وفي هذا دلالة واضحة على أن التفاصيل الدقيقة لم تغب عن عين المسؤولين في هذه المؤسسة الإنسانية المميزة. والذي يؤصل إعادة بناء يمن المستقبل عندما نعلم بأن تأهيل مطار عدن وتشغيله في وقت قياسي وتأهيل وتدريب أفراد الشرطة لحفظ الأمن في المدينة لتكون بوابة عودة الشرعية إلى البلاد مثالا واضحا لهذا العطاء الذي يدخل في باب يصعب على التاريخ تصنيفه. والدليل على أن المساعدات لليمن الشقيق لا علاقة لها البتة بتدخل دول التحالف في تحرير اليمن من أسر وإسار الإيرانيين، مع أن هذه الحرب المفروضة من قبل عدو الشعب اليمني الأول من الحوثيين والإيرانيين ومليشيات صالح الذي باع اليمن لمصلحة المرتزقة والدولة الفارسية، هذه الحرب ضاعفت مسؤولية الإمارات التي ضحت بأبنائها من أجل إحقاق الحق والشرعية المخطوفة هناك. فلو رجعنا إلى الفترة من 2010 وحتى 2014، فلم تدر رحى الحرب هناك، إلا أن الإمارات كانت لديها التزامات تاريخية مع اليمن من يوم أن قام الشيخ زايد، رحمه الله، بإعادة بناء سد مأرب لإرجاع شريان الحياة إلى الشعب اليمني قاطبة، بلا تفرقة بين شمالي وجنوبي أو زيدي وسني، فالماء في ذلك السد لم يكن في يوم ما طائفياً كما هو دأب شريحة مأفونة اليوم. ففي تلك الفترة بلغ إجمالي الدعم الذي قدمته الإمارات لليمن نحو 1,3 مليار درهم تمثلت في مشاريع تنموية ومساعدات إنسانية كالإمدادات الطبية وإصلاح البنية التحتية وإعادة تشغيل شبكات الكهرباء وتوفير الوقود وتوفير المؤن الغذائية وغيرها من الأمور العاجلة. هذا، حتى إذا وصلنا إلى حالة «عاصفة الحزم واستعادة الأمل»، فإن حجم المساعدات بلغ خلال أربعة أشهر من هذا العام 2015 فقط نحو 744 مليون درهم حيث حازت الدولة من خلالها على المرتبة الأولى كأكبر مانح للمساعدات لليمن في 2015 وهو ما يعد 31% من إجمالي مساعدات العالم لليمن، وهذا عندما نعلم بأن إجمالي قيمة مساعدات دول العالم خلال هذه الفترة من العام الجاري بلغ 1,650 مليار درهم. وفي التفاصيل تكمن دعائم الاستقرار في اليمن حيث خصص 314 مليون درهم في مجالي الطاقة والكهرباء و122 مليون درهم للقطاع الطبي و41 مليون درهم لقطاع المياه والصرف الصحي، وعلى هذا الأساس الصلب تقوم دولة الإمارات باستعادة اليمن إلى عافيته وإنقاذه من براثن المرضى من الحوثيين وأذيالهم وهو ما تهدف إليه كل أنواع الدعم المباشر وغير المباشر حتى نرى النصر القريب.