أصبحت الهواتف الذكية جزءاً من إنسان هذا العصر، كأنها بعضٌ من يده، ويشعر بضياع ذاته إن ابتعد عنها، خصوصاً بوجود تطبيقات التراسل وتبادل الصور والفيديوهات، بشكل فوري، وضمن مجموعة يطلق عليها اسم «القروب». وتثور أسئلة حول قانونية بعض ما يرسل عبر تلك «القروبات»، ويمكن القول إن ثمة جرائم يتصور حدوثها هناك، كابتزاز الأشخاص، وتهديدهم، والاعتداء على خصوصيتهم، وسبّهم، وقذفهم، وتداول مواد مخلة بالآداب، والإغواء والتحريض على الدعارة أو الفجور، ونشر معلومات غير قانونية تتعلق بتجارة الآثار والتحف الفنية، والمخدرات، والأسلحة والذخائر، وتجارة البشر، وتجارة الأعضاء البشرية، وغسيل الأموال. وكذلك نشر ما يمسّ بالإسلام والأديان الأخرى، والتطاول على الذات الإلهية أو الأنبياء وزوجاتهم وآلهم وصحابتهم، وإحداث التمييز بين البشر، وإثارة خطاب الكراهية والتكفير، وتحريك النعرات القبلية، ونشر معلومات تخدم الجماعات الإرهابية، والدعوة لجمع التبرعات من دون ترخيص. وكذلك تعريض أمن الدولة ومصالحها للخطر، والإضرار بسمعتها أو مؤسساتها أو رئيسها أو حكامها أو علمها أو شعارها أو نشيدها، والدعوة لتغيير نظام الحكم أو تعطيل الدستور أو عدم الانقياد للقوانين، والدعوة لمظاهرات أو مسيرات غير مرخصة، وتقديم معلومات مغرضة للمنظمات أو الهيئات، وبث دعايات تكدر الأمن وتلقي الرعب بين الناس، وكشف معلومات سرية وصلت الجاني بمناسبة عمله أو بسببه. ورغم أن تلك «القروبات» مغلقة على أعضائها، ومن ثم لا تتوفر فيما ينشر فيها صفة العلانية، كما في الصحف ومواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن القانون لا يشترط العلانية في كل ما مرّ ذكره من جرائم، ومن ثم فإن من يرسل شيئاً من ذلك في «القروب» يعد مخالفاً، كما تحكم المحكمة بإبعاده إن كان أجنبياً. أما من يُرسل إليهم، فيعدون شركاء للجاني إن أعادوا نشره، فإذا لم يفعلوا لكن علموا بوقوعه، أي اطلعوا على ما أرسله الجاني من أمور يعد إرسالها جريمة، فإنهم يتحملون المسؤولية ما عدا في جرائم سب الأشخاص وقذفهم، باعتبار أن السب والقذف لا يمكن تحريك الدعوى فيهما إلا بشكوى من المجني عليه، ولا شأن لغير المجني عليه في ذلك. والمسؤولية المترتبة هنا تنشأ من كونهم قد علموا بوقوع جريمة ولم يبلغوا عنها، ولا فرق في هذا بين ما اصطلح على تسميته «مدير القروب»، أي الشخص الذي ينشئ المجموعة ويحق له وحده إضافة الأعضاء أو حذفهم، وبين أي عضو آخر في «القروب»، إذ المعيار هو علم من تصله الجريمة ولا يبلِّغ عنها، وفي هذا لا يختلف حال المدير عن حال الأعضاء. وتكون عقوبة من يمتنع عن الإبلاغ عن جريمة علم بوقوعها، الغرامة التي لا تتجاوز الألف درهم، مع جواز إعفائه إذا كان مرتكب الجريمة زوجاً له، أو من أصوله، أو فروعه، أو إخوته، أو أخواته، أو من هم في منزلة هؤلاء من الأقرباء بحكم المصاهرة. هذا في حال كان فرداً عادياً، إذ لو كان موظفاً عاماً وكان البحث عن الجرائم وضبط مرتكبيها من مهام عمله، فأهمل أو أرجأ الإخبار عن الجريمة، أياً كان مرتكبها، فقد تصل عقوبته إلى الحبس.