ما هو محرك نمو الاقتصاد الأميركي؟ نظرة فاحصة على بيانات الإنفاق تقدم إجابة واضحة وربما مثيرة للقلق، على هذا السؤال، إذ تؤكد أن الأميركيين يُقبلون بصورة متزايدة على شراء أشياء لا يحتاجونها. وأية محاولة لفصل الضروريات عن الكماليات تصبح غير موضوعية، لأن ما قد يكون رفاهية لشخص قد يكون ضرورة لآخر. ويعني ذلك أن بعض فئات الإنفاق التي يتعقبها مكتب التحليلات الاقتصادية، مثل المجوهرات والمطاعم، تتألف بصورة أساسية من بعض الأشياء التي يمكن لأي شخص ـ إذا تعرض لضغوط ـ أن يعيش من دونها. ومثل هذه البضائع أو الخدمات تشكل نحو خمس الاستهلاك الشخصي، ويقدر الإنفاق عليها خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر الماضي 2.3 تريليون دولار. وطوال العقود الست الماضية، لعب ذلك الإنفاق غير الضروري دوراً ثانوياً في التوسعات الاقتصادية، مع تركز الإنفاق بدرجة أكبر على الأشياء المهمة مثل البقالة والمسكن. ولكن في الألفية الجديدة، تبدلت الأدوار رغم ذلك. ومنذ بدء التعافي الحالي في منتصف عام 2009، زاد الإنفاق على الأشياء التي يحتاجها الناس بمتوسط سنوي 3.3 في المئة (بعد التعديل من أجل التضخم)، مقارنة بـ 2 في المئة للأشياء الأخرى. وللأهمية المتزايدة للإنفاق على الأشياء غير الضرورية تفسيرات متنوعة محتملة. فالجانب المشرق، يمكن أن يكون دلالة على ارتفاع مستوى الرفاهية بشكل عام، وإذا كانت الاحتياجات الأساسية للناس قد تمت تلبيتها، فإن الزيادة والانخفاض في الاستهلاك قد يتحول بوضوح إلى الأشياء الكمالية. ومن الملحوظ خلال فترتي الركود السابقتين، أن الإنفاق على الفئات غير الضرورية قد تراجع بشكل أسرع من الأشياء الضرورية. وبدلاً من ذلك، يمكن أن يعكس الإنفاق على الأشياء غير الضرورية تركيز الثروة في أيدي الأثرياء بشكل كبير، ممن يخصصون حصة كبيرة لنفقاتهم على السلع والخدمات الترفيهية. وقد أصبحت دخولهم أكثر تذبذباً في العقود الأخيرة، لذا ربما انعكس ذلك على إنفاقهم، دافعاً النمو في السلع غير الأساسية أثناء فترات التعافي. وإذا كان الأمر كذلك، فمن الممكن أن يعني ذلك عيشة صعبة بالنسبة للجماهير الأقل ثراء. وأيّا كان التفسير، فإن ثمة رسالة للاقتصاد العالمي الهش: لمواصلة النمو، دعونا نأمل أن يواصل الأميركيون شراء الأشياء التي لا يحتاجونها. مارك وايتهاوس: كاتب أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»