يمارس «حزب الله» اللبناني دوراً عبثياً في لبنان منذ وقت طويل، حيث لم يكتفِ بتدمير «بلاد الأَرز» وإفسادها وتحويلها إلى إقطاعية خاصة به، بل صار أيضاً مصدر تهديد حتى للإعلاميين الذين يتصدون لمناقشة ممارساته على الأرض وتأثيراتها المباشرة على حياة اللبنانيين. لقد تلقت الإعلامية ديماً صادق تهديداً مباشراً في الأيام الأخيرة، وذلك لأنها ناقشت قضية المخدرات وزراعتها في الأماكن التي يحكمها «حزب الله»، وحقيقة الطرود التي قيل إنه قد تمت مصادرتها من أحد المواطنين العرب لدى مغادرته مطار بيروت الدولي الخاضع تقريباً لنفوذ الحزب. «حزب الله» لا يحتمل أي انتقاد أو حتى تعليق على ممارساته الإجرامية بحق الوطن اللبناني، ولا أعرف في واقع الأمر أي تفسير لعصابة تتحكم في مصير وطن بحجم لبنان وأهميته. قد تكون سوريا ومعها العراق واليمن، وهي ثلاث بلدان عربية تحتلها إيران وتخوض حروباً ضد شعوبها، ربما تكون أسوأ حالا وأصعب موقفاً من لبنان، لكن عندما يتحول «حزب الله» إلى عصابة تمارس كل أشكال الجريمة ضد بلادها، فعندئذ يبدو وكأننا بإزاء واحدة من جمهوريات الموز التي حكمتها طويلا عصابات المخدرات، قبل أن تستطيع التحرر أخيراً والتخلص من ربقة الاستعمار. لكننا هنا نتحدث عن إيران التي يقول أحد قادتها إن جمهوريته إنما قامت على القيم، وهو الأمر الذي يدعو للضحك بأعلى صوت، ضحك ممزوج بدموع المرارة ومشاعر الاستهجان. لقد كان على ذلك المسؤول أن يشرح معنى القيم ومفهومه لها، وأن يفسر لنا أكثر من ذلك، لعلنا نستوعب أهم القيم التي يعنيها في ذلك التصريح. هل يعني قيمة احتلال العراق ونهب ثرواته واضطهاد أهله وتحويله إلى بلد منكوب بكل المقاييس؟ أم يعني القيم الأخلاقية ذبح الشعب السوري وممارسة أبشع أنواع الجرائم ضده واحتلال دمشق باعتبارها تابعة للسيادة الإيرانية؟ أم هو يعني قيمة سرقة اليمن من أهله وتسليط عصابة الحوثي على اليمنيين الآمنين البسطاء وبالتدريج السيطرة على بلد عربي آخر يراد له أن يتبع لإيران؟ أم هو يعني قيمة ترويع الجيران واستخدام لهجة التهديد واحتلال الجزر الإماراتية الثلاث، وصناعة رمال متحركة هزت المنطقة بأسرها، وذلك كله لأن إيران لا تريد العيش بهدوء وسلام مع جيرانها؟ أم أنه يعني قيمة الإعدامات اليومية لثوار الأحواز العربية من طرف حكومة إيران صاحبة القيم والسجون المكتظة بسجناء الرأي والمعارضين للسلطة. قيم المرشد لها بالضرورة تفسير مختلف، وهي ذاتها القيم المرتبطة بلغة الخطاب الإيراني المتواصلة، لغة النخبة التي تحتل بلادها قبل أي بلاد أخرى، والتي حولت شعبها إلى شعب فقير مشغول بلقمة العيش، وذهبت لتعبث بأموال الشعب وثروته لتحقيق حلم تاريخي خيالي مستحيل التحقق. إن هاجس الاستعمار الذي لا يفارق خيالهم سيرتد عليهم، وذلك بحكم حتميات التاريخ وسنن الله في كونه، ولن تجد لسنة الله تبديلا. إنه الصبح المنتظر، وإن غداً لناظره قريب.