(إن تعليم الناس وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة، ونحن نبني المستقبل على أساس علمي.)..مقولة مأثورة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها. ولقد حرصت الدولة منذ تأسيسها- قيادة وشعباً– على ترجمة هذه المقولة الخالدة لواقع ملموس من خلال الاستراتيجيات والخطط والبرامج في مجال التعليم. ونظراً لأن نهضة الأمم لا تتحقق إلا بالتعليم الفعال، فقد قامت العديد من الدول المتقدمة بربط خطط التنمية الشاملة فيها بضرورة توفر بيئة تعليمية ناجحة. وعليه فإن التعليم أضحى الركيزة الأساس للتنمية وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي الوقت نفسه كان لزاماً أن يكون هناك دور للبحث العلمي في تطويرالسياسة التعليمية في الدولة، وبالتالي بزغ الدور الذي يقوم به مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في هذا الإطار. فقد أخذ المركز على عاتقه منذ تأسيسه ترجمة مقولة مأثورة عن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وهي: (نؤمن بضرورة توفر المناخ الحر الذي لابد منه لكي تخضب الأفكار وتتفاعل الآراء وصولاً للأفضل). ولذلك فإن المركز ينظم سنوياً مؤتمراً مخصصاً للتعليم وقضاياه، والتحديات التي تواجه المسيرة التعليمية في الدولة. وقد جاء المؤتمر السادس للتعليم هذا العام، والذي اختتم فعالياته في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، ليعكس بكل وضوح وقوة قدرة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على قراءة معطيات الواقع، وتأطير العلاقة بين التعليم والتنمية. ولذلك جاء المؤتمر تحت عنوان: «التعليم والتنمية.. نحو منظومة تعليمية عصرية في دولة الإمارات العربية المتحدة». وقد شارك في المؤتمر نخبة من الخبراء والمفكرين والباحثين والمهتمين بمجال التربية والتعليم والذين أسهموا بفعالية في مناقشة أبرز التحديات التي تواجه التعليم في القرن الحادي والعشرين، إضافة لعرضهم أهم التجارب العالمية في التعليم. وقد أكد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على ضرورة الربط الناجح بين التعليم والتنمية، وذلك من خلال عرض ومناقشة الأفكار والاجتهادات الجديدة التي تلوح على المستوى العالميِّ بهدف الاستفادة منها في الارتقاء بالعملية التعليميَّة من جوانبها المختلفة كافة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد ركز المؤتمر على كافة مستويات التعليم في الدولة التي تضم التعليم المدرسي والجامعي والمهني بجانب دور البحث العلمي والقيم الثقافية ومناهج التعليم في ترسيخ الأفكار الإيجابية لدى النشء والشباب. وقد جاءت الكلمة الرئيسة للمؤتمر في يومه الأول من معالي المهندس حسين إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي يومه الثاني من الدكتور فاروق الباز، مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأميركية للتأكيد على الأهمية القصوى لعلاقة التعليم بالتنمية. فمن جانب أشار وزير التربية والتعليم لدور التعليم في تحقيق إنتاجية أفضل، ودخل أعلى للأفراد، بينما يسهم في إزالة الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، وفي تحسين الدخل القومي، ومن ثم إيجاد مجتمع آمن ومستقر يتمتع بمستوى عالٍ من الرفاهية. ومن جانب أخر أكد الدكتور فاروق الباز أهمية أن يستجيب التغيير الحقيقي في المنظومة التعليمية لمتطلبات التنمية الحقيقية، وبضرورة التأهيل للشهادات الجامعية المطلوبة للتنمية الاقتصادية والثقافية. وقد جاءت الأوراق والمناقشات التي تخللت جلسات المؤتمر أبرز دليل على أهمية ما أشار إليه المتحدثان الرئيسان. وبالتالي فإن مؤتمر التعليم السادس لمركز الإمارات للدرسات والبحوث الاستراتيجية قد استطاع بنجاح أن ينشئ مثلثاً واضحاً ضلعاه التعليم والتنمية وقاعدته الدراسات والبحوث والتي هي الأساس الفعال لنجاح خطط التعليم وبرامجه في مجال التنمية الشاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة.