يلاحظ الباحث أن التفاهمات التي تمت بين الأردن وإسرائيل برعاية كيري حول المسجد الأقصى، تتعرض لقراءات وتقييمات متباينة في الجانب الإسرائيلي، لقد جددت هذه التفاهمات عدداً من التدابير على النحو التالي: 1- أن حق الصلاة في الأقصى وداخل الحرم القدسي هو للمسلمين فقط. 2- أن من حق غير المسلمين أي اليهود زيارة الحرم القدسي دون أداء صلاوات. 3- أن تحترم إسرائيل دور الأردن الخاص باعتباره صاحب الولاية على الأماكن المقدسة طبقاً لاتفاقية السلام. 4- تركيب كاميرات بالحرم القدسي بناءً على اقتراح أردني للتأكد من أن الاقتحامات الإسرائيلية للحرم وقيام اليهود بالصلاة فيه قد توقفت وقد طلب نتنياهو في هذه النقطة أن يتم تركيب وتشغيل الكاميرات بالتعاون بين الوقف الإسلامي والأمن الإسرائيلي. وبالإضافة إلى تلك التدابير المحددة أعلن كيري أن إسرائيل لا تنوي تقسيم الحرم القدسي، وهو ما أكده نتنياهو بعد ذلك في بيان للصحافة الأجنبية، كما أعلن أن إسرائيل تلتزم بالوضع القائم في الحرم. وإذا نظرنا في التقييمات الإسرائيلية لهذه النتائج سنجد تبايناً بين تقييم صحيفة «يديعوت أحرونوت» وصحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، إذ تعتبر الأخيرة أنه لم يحدث تغيير، لذلك وضعت العنوان الرئيسي لتقريرها بصورة تعبر عن تقييمها هذا فجاء العنوان يقول: «لا تغيير في دخول اليهود لجبل الهيكل (أي في الحرم القدسي).. والتغيير الوحيد وضع كاميرات». وأوضحت «يسرائيل هيوم» أنه رغم إعلان نتنياهو في بيانه أنه ليس لدى إسرائيل أي نية لتقسيم الحرم القدسي، فإن بعض المسؤولين في مكتبه صرحوا بأنه لم يتغير شيء وسيظل اليهود يدخلون. كذلك أبرزت الصحيفة اليمينية تصريحاً لعضو الكنيست يانون ماجل رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «البيت اليهودي»، المشارك في حكومة نتنياهو، قال فيه: نحن نقدر الجهود التي يبذلها نتنياهو لتهدئة الوضع، لكنني أؤكد أنه لن يكون في مقدور أي أحد منع اليهود من الصلاة في (جبل الهيكل)، ولا حتى كاميرات الأوقاف الإسلامية». إذن تفيد قراءة الأوساط اليمينية الإسرائيلية للتفاهمات أن إسرائيل لن تخسر شيئاً فيما يتصل بالتقسيم الزماني للأقصى باعتباره مكاناً للصلوات الإسلامية في وقتها والصلوات اليهودية فيما بينها. طبعاً هذا التقسيم يعكس نية الأوساط اليمينية المتطرفة في إسرائيل، خاصة في الإعلام وفي أحزاب الحكومة. أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فتسجل الملاحظات التالية على التفاهمات. 1- إنها اتفاقية شفوية غير مكتوبة، ما يجعلها غير ملزمة من وجهة نظر القانون الدولي. 2- إنه يمكن لكل طرف أن يفسرها على هواه. 3- إن وضع الكاميرات بالتعاون مع الأدن يمثل ميزة للمسلمين للتأكد من عدم وجود مخططات لهدم المسجد الأقصى، وهو أيضاً ميزة لإسرائيل لحماية نفسها من تهمة تغيير الوضع القائم. 4- إن نتنياهو كسب وخسر في نفس الوقت، فقد كسب عدم العودة للأمر الواقع الذي كان سائداً قبل عام 2000 والذي كان يمنع الشرطة الإسرائيلية من دخول الحرم ويمنع تحديد أعمار المصلين المسلمين، أما خسارته فتتمثل في ظهور احتمال حدوث صدام بينه وبين المنظمات اليهودية المتطرفة الساعية لهدم المسجد الأقصى. وتختتم الصحيفة تقييمها بثلاثة أسئلة: هل تهدأ الانتفاضة؟ هل تهدأ أعمال الاستفزاز للفلسطينيين من جانب المستوطنين مثل حرق المنازل والدهس بالسيارات وإطلاق النار؟ وهل حقاً سيقف نتنياهو ضد هؤلاء المتطرفين الذين يضرون بأمن إسرائيل؟ أرى أنها أسئلة مفتوحة سيجيب عنها الواقع خلال أسابيع.