عندما أطلق الإرهابيون هجومهم على أميركا قبل 14 عاماً، وقفت كندا في ظهرنا وقفة دعم قوية. ونحن نذكر كيف سارع رئيس الوزراء الكندي في ذلك الوقت «جان كريتيان» إلى حراسة حدودنا المشتركة، وأمر بفتح المطارات الكندية لاستقبال مئات طائرات الركاب الأميركية، خوفاً من خطف الإرهابيين لها. واليوم، على رغم ذلك الصنيع، تدير الولايات المتحدة ظهرها لكندا. لقد رفضت إدارة الرئيس أوباما مؤخراً المصادقة على رخصة تقدمت بها شركة «ترانس كندا» لتمديد خط أنبوب «كيستون إكس إل» الكندي داخل أميركا. ويبلغ طول الأنبوب المقترح 1886 كيلومتراً، ويمتد من حقول النفط الرملية في بحيرة «ألبرتا» الكندية حتى شاطئ خليج المكسيك في الولايات المتحدة. ويأتي هذا الرفض على رغم أن الإدارة الأميركية تستعد لرفع الحظر المفروض على تصدير النفط الإيراني في إطار الصفقة النووية. ودعونا نقولها بطريقة أخرى، فإدارة أوباما تقاطع الصادرات النفطية الكندية، وترحب بالنفط الإيراني. ومن شأن مثل هذا الكيل بمكيالين أن يسيء للعلاقات مع كندا، ويهدد الأمن الوطني للولايات المتحدة في الوقت نفسه. ولو صادقت إدارة أوباما على تمديد خط أنبوب «كيستون إكس إل» فستخدم الأمن الوطني لأميركا الشمالية في المستقبل. وتربط كندا بالولايات المتحدة علاقة أمنية قوية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وتتعاون الدولتان الآن في العديد من المهمات الأمنية حول العالم، بما في ذلك دعم الأمن والاستقرار في أفغانستان. وتعملان معاً على مراقبة المجال الجوي لأميركا الشمالية منذ ما يزيد على 50 عاماً من خلال «قيادة أميركا الشمالية للدفاع الجوي»، في إطار اتفاقية فريدة من نوعها للمراقبة الجوية من أجل رصد وكشف أي حركة للطائرات والعربات الفضائية والصواريخ المشبوهة. وتقوم بين البلدين أيضاً علاقة وثيقة في مجال الطاقة تحقق فوائد وعوائد كثيرة لهما معاً. ومن ذلك مثلاً أن كندا تموّل الولايات المتحدة بأكثر من 97 في المئة من وارداتها من الغاز الطبيعي. وفي مقابل ذلك، تشتري كندا بما قيمته 23 مليار دولار سنوياً من منتجات مواد وتكنولوجيات الطاقة الأميركية. ولاشك أن الرفض الأميركي لتمديد خط أنبوب «كيستون إكس إل» سيعرض التحالف القائم بين البلدين للخطر، وخاصة بعد أن عمد رئيس الوزراء الكندي الجديد «جوستن ترودو» إلى وصف الأنبوب المقترح بأنه «واحد من أكثر المشاريع أهمية لجيلنا الحالي». وليس ثمة داعٍ لتحويل قضية «كيستون إكس إل» إلى حالة من الصدام السياسي بين كندا والولايات المتحدة، ويمكننا أن نضمن الآن تقوية علاقاتنا مع كندا بمجرّد الموافقة على رخصة إنشاء خط الأنبوب الجديد. ويمكن لخط «كيستون إكس إل» أن يفعل أيضاً الأعاجيب في مجال تحقيق الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة في أميركا الشمالية. وسيضخ الأنبوب 830 ألف برميل من النفط الخام إلى أميركا يومياً. وهي كمية تزيد على نسبة 90 في المئة من مجمل كمية النفط التي استوردتها الولايات المتحدة من فنزويلا في عام 2012. ويضاف إلى كل ذلك أن الأنبوب المقترح يضمن تأمين الكفاية الأميركية من النفط الخام حتى عام 2028 على أقل تقدير. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الولايات المتحدة تستعيد 90 سنتاً من كل دولار تنفقه على شراء النفط الكندي العابر للحدود بين البلدين، يبدو من المستحيل وجود شبيه في العالم أجمع لهذه الشراكة المفيدة في تبادل مصادر الطاقة. أما إلغاء مشروع الأنبوب فلا يعني إلا شيئاً واحداً، هو تخفيض قدرة أميركا الشمالية على الاستفادة من مصادر الطاقة مقابل تشجيع إيران على تصدير نفطها. إنها بحق وصفة تعيسة. وقد أثبتت التقديرات الدقيقة أن إيران قادرة على تصدير كميات كبيرة من النفط، وهي تهدد بفائضها النفطي حالة الاستقرار التي تسود الأسواق العالمية، وخاصة بعد أن انخفضت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ ست سنوات. ويضاف إلى ذلك أن تراجع الطلب الصيني يمكن أن يزيد من تدهور الأسعار. وتستعد إيران الآن لإغراق السوق العالمية بالنفط بمجرد الإعلان رسمياً عن رفع العقوبات المفروضة عليها. ومن المعلوم أن الملف الإرهابي لإيران يجعل منها شريكاً لا يمكن الوثوق به، وخاصة بعد تدخلها في سوريا، فكيف يمكن الاعتماد عليها كشريك مساهم في تحقيق أمن الطاقة لأميركا؟ بول شوفالييه رئيس مجلس إدارة مجموعة Vets4Energy الأميركية لسياسات أمن الطاقة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»