تحمل الموازنة الاتحادية لعام 2016 التي أقرها مجلس الوزراء لدولة الإمارات العربية المتحدة، مؤخراً، العديد من الدلالات والمعاني الإيجابية، لاسيما بشأن الجهود التنموية الشاملة والمستدامة في الدولة. إذ جاءت الموازنة بإجمالي إنفاق يتخطى 48 مليار درهم، ومن دون عجز. ويعبر ذلك في المقام الأول عن أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحافظ على جدارتها المالية والائتمانية، برغم ما يشهده الاقتصاد العالمي من تباطؤ مزمن، وبرغم ما تشهده أسعار النفط العالمية من انخفاضٍ، مقارنةً بالسنوات الماضية. وهذه النقطة الأخيرة بالذات تعني الكثير بالنسبة للاقتصاد الإماراتي، إذ إنها تؤكد أن هذا الاقتصاد، برغم أنه منتج ومصدر رئيس للنفط، إلا أن تراجع أسعار النفط العالمية لم يثنه عن المضي قدماً على طريق الاستثمار، والإنفاق على المشروعات التنموية الكبرى. وتضمنت الموازنة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، للعام المالي 2016، دلالة على قدر كبير من الأهمية بشأن الاهتمام بالجانب الإنساني والاجتماعي للتنمية، إذ حظيت القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين وخدماتهم، بالنصيب الأكبر في الموازنة العامة للاتحاد، حيث خُصِصَ أكثر من نصف الموازنة لهذه القطاعات، التي شملت قطاع التعليم بنسبة 21.2%، وقطاع التنمية الاجتماعية بنسبة 15.5%، وقطاع الخدمات العامة بنسبة 11.1%، وقطاع الصحة بنسبة 7.9%. وهذه المؤشرات توضح إلى أي مدى تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على الارتقاء بالواقع المعيشي لمواطنيها، وأنها تسعى بشكل متواصل إلى توفير حياة كريمة ومتكاملة لهم، وذلك من مختلف الجوانب بالنسبة إليهم، هذا بالإضافة إلى حرصها على إيصال خدماتها إلى جميع شرائح المجتمع، وتطوير جودة هذه الخدمات من دون توقف، لكي تتوافق مع أحدث وأفضل المعايير. ويوضح توزيع بنود الإنفاق ضمن الموازنة الاتحادية للعام المالي الجديد أن الحكومة الاتحادية تضع الإنسان الإماراتي في مقدمة أولوياتها، ولا تدخر جهداً من أجل تمكينه من الاستفادة القصوى من عائدات التنمية، من خلال إمداده بالخدمات والمرافق العامة، من تعليم وصحة وإسكان ورعاية اجتماعية، مما يليق به، وفقاً لمعياري الكم والكيف، بما يلبي تطلعات جميع فئات المجتمع الإماراتي من دون استثناء. بل إن حصول القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالحياة اليومية للمواطن على نحو 55% من الموازنة الاتحادية للعام المالي المقبل، يؤشر في حد ذاته إلى أن الدولة حريصة كل الحرص على تمكين الإنسان الإماراتي من امتلاك القدرات والخبرات التي تساعده على المساهمة بفاعلية في استكمال مسيرة التنمية في المجتمع الذي يعيش فيه، والذي يعد أحد أهم شروط استدامة التنمية. ومن السمات الأساسية التي تميز الموازنة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة للعام المالي المقبل أيضاً، أنها لا تتضمن أي عجوزات مالية، لتأتي استكمالاً لمسيرة الأعوام الماضية التي تمكّنت الحكومة الاتحادية فيها من تجنب أي عجز في موازناتها العامة، ويؤشر ذلك إلى سلامة الوضع المالي لهذه الحكومة، وأنها قادرة على تنفيذ مشروعاتها التنموية المخططة من دون التعرض لأي ضوائق مالية، برغم الأوضاع الاقتصادية العالمية والإقليمية غير المستقرة، وهو دليل على مدى الاستقرار الذي يتسم به أداء الاقتصاد الإماراتي كله. وبشكل عام تؤشر الموازنة الاتحادية للدولة إلى سلامة توجهات السياسة المالية للدولة، ومدى تفاعلها مع التطورات الاقتصادية على المستويين المحلي والخارجي، وكذلك التوجهات الاستثمارية، والإطار العام للأولويات الاقتصادية المستقبلية للدولة كلها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية