في حواره مع صحيفة «الشرق الأوسط» الصادرة في 16-10-2015 أشار وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إلى ثلاث نقاط مهمة تتعلق بأمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي. النقطة الأولى: أهمية البعد الإقليمي وتأثيره على هذه الدول، وقد حدده في إشكالية التحدي الذي تواجهه المنطقة وعلى الأخص الدور الإيراني وخطورة السياسات التي تتبعها إيران في التعامل مع جيرانها الخليجيين والذي يتمثل في تدخلها المستمر في شؤونهم الداخلية، فضلا عن محاولتها تصوير ما يجري في المنطقة من اضطرابات سياسية على أنه صراع سني شيعي، وكذلك توظيفها عملاء وميليشيات في بعض الدول لتنفيذ إستراتيجيتها الرامية إلى زرع الفتنة والاضطراب من خلال ضرب أمن واستقرار دول الخليج. وقد لخص الوزير البحريني كل ذلك بقوله: «جار يحاورك من جانب ويتآمر عليك من جانب آخر». النقطة الثانية: أهمية عاصفة الحزم، حيث وصف لحظة انطلاقها باللحظة التاريخية الحاسمة، إذ لولا تدخل السعودية في هذه اللحظة لتغير شكل المنطقة لعقود مقبلة ولكانت الأوضاع اليوم أكثر خطورة ولأصبح لوكلاء إيران من الميليشيات الحوثية السيطرة التامة على اليمن، مما يعني حرباً أهلية لن تتوقف مخاطرها على دول مجلس التعاون. النقطة الثالثة: أهمية الوحدة الخليجية، أي التوحد والتكامل بين دول مجلس التعاون في إطار قوة خليجية لها رؤية وقرار مؤثر من منطلق أنه ليس لدول المجلس خيار آخر غير الاتحاد والتكامل فيما بينها. هذه النقاط التي أشار إليها وزير الخارجية البحريني تدفعنا للقول بأن دول المنطقة تواجه اليوم مخاطر جديدة وعديدة تتفق في الأجندة والمخطط. فما حدث في مخطط «سايكس بيكو» الذي قسّم الوطن العربي عبر حدود جغرافية، يتكرر الآن في «سايكس بيكو الجديد»، ولكن بشكل آخر يستهدف تفجير الدول العربية من الداخل، وذلك بتسهيل وتوظيف كل الوسائل والعناصر التي تساعد على تنفيذ مثل هذا المخطط، وهي سياسة تتبناها الآن قوى أجنبية وتحرك خيوطها قوى إقليمية وفق أجندة واضحة. ومن ينظر لخريطة الوطن العربي اليوم يصاب بالدوار لما أصبح عليه من مشاهد لا تحتاج لتوضيح، فالدماء تتدفق في أماكن كثيرة، والحروب تشتعل في مواقع عدة، والاضطرابات الأهلية تتحرك وتتسع. وحقيقة الأمر أن المنطقة تمر بأحداث جسام، وتتنازعها أيديولوجيات عديدة، لذلك فإن الدور الخليجي الذي واجه التهديدات الخطيرة ضد البحرين، وتلك التي يتعرض لها اليمن، قدّم درساً لمن يريد أن يسلك الطريق الذي سلكته إيران تجاه الأمن القومي العربي. لم يترك مجلس التعاون القرار للعبة الجهود الدولية والدور الخارجي والإقليمي، بل أخذ زمام المبادرة بسرعة في التعامل مع هذه التهديدات، وكان هو صاحب الحل. فالمسألة في اليمن ليست فقط ردع الانقلاب الحوثي وإعادة الحكومة الشرعية، بل المسألة أكثر من ذلك إذ تتعلق بكيفية التصدي لحالة الخلل الإستراتيجي الذي أصاب الأمن القومي العربي في ظل تراجع دور الدول الكبرى في حمايته، وفي ظل الدور الخليجي وجدنا حالة من الاستقلال في القرار والرؤية المشتركة والاعتماد على القدرات الذاتية لحماية أمننا العربي.