تعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي تولي دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في العملية التنموية اهتماماً كبيراً، انطلاقاً من وعيها التام بأن هذه الفئة من المشروعات ذات قدرة كبيرة على تحقيق ما هو منشود منها من أهداف وغايات، لا سيما في ظل ما تتميز به من خصائص ومزايا لا تتوافر لغيرها من مشروعات، بما في ذلك المشروعات الكبرى. وخلال الأيام القليلة الماضية، أعلنت وزارة الاقتصاد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو 94% من إجمالي حجم المنشآت في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبطبيعة الحال، فإن هذه المشروعات لم تكن لتصل إلى هذا المستوى والدور المهم في النشاط الاقتصادي في الإمارات، من دون أن توفر لها الدولة كل ما هو مطلوب من شروط ومتطلبات لتوسعها وازدهارها، سواء تعلق الأمر بالبنى التحتية والتكنولوجية اللازمة أو القواعد والقوانين والتشريعات الملائمة أو بإنشاء الهيئات والجهات الوطنية التي يناط بها تنظيم شؤون هذه المشروعات والإشراف عليها من ناحية أخرى. وقد اتخذ مجلس الوزراء في وقت سابق من العام الجاري خطوة مهمة في هذا السياق، تجسدت في إنشاء برنامج وطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشكيل مجلس وطني يكون مسؤولاً عن متابعة القضايا والأمور التي تهم هذه الفئة من المشروعات. وقد انطوت هذه الخطوة على الكثير من الدلالات المهمة، إذ إنها كللت في حينها المسيرة الطويلة لدولة الإمارات العربية المتحدة في إطار دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما جاء إنشاء مجلس وطني للمشروعات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة كخطوة جديدة تقطعها الدولة تجاه ترسيخ البيئة والمناخ الاستثماري المناسب لإنشاء وتشغيل هذه المشروعات، لا سيما أن من شأن وجود هذا المجلس توحيد المسؤوليات والاختصاصات المتعلقة بهذه المشروعات، والقضاء على أسباب تضارب القرارات والبيانات والمعلومات الخاصة بها، ومن ثم تسهيل مهمة صياغة السياسات والقرارات الحكومية والوطنية المتعلقة بها. إن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لم تتوقف منذ أن بدأت مع بداية إنشاء دولة الاتحاد، في مطلع السبعينيات من القرن العشرين، وقد شملت تلك الجهود حملات توعية واسعة النطاق بأهمية هذه المشروعات، وأنشطة ريادة الأعمال بشكل عام. كما شملت تقديم الدعم المالي والفني لرواد هذه المشروعات، والراغبين في تأسيس مشروعات خاصة بهم، من خلال تنظيم دورات تدريبية في مختلف التخصصات اللازمة لتمكينهم من إدارة وتشغيل المشروعات وتحقيق الأهداف منها. هذا إلى جانب المبادرات التي نفذتها الدولة من أجل توفير التمويل لهذه المشروعات، عبر التنسيق مع المصارف والمؤسسات المالية والمصرفية في الدولة. إن هذه الخطوات المهمة من شأنها تحسين البيئة والمناخ الاستثماري للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وجعل الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة بمثابة الحاضنة المثالية لهذه المشروعات، وهو ما يجعل بمقدوره الاستفادة مما تتمتع به هذه المشروعات من مميزات لا تتوافر لغيرها من المشروعات، كسرعة دوران رأس المال، وسهولة الحركة من قطاع إلى آخر، وارتفاع نسبة القيمة المضافة وقدرتها على توليد فرص العمل الجديدة، هذا بالإضافة إلى اتصالها المباشر بالأسواق واحتكاكها عن قرب بالمستهلكين. وهي جميعها ميزات تعطي هذه المشروعات أهمية كبيرة في خطط التنمية والرؤى المستقبلية لدولة الإمارات العربية المتحدة في سعيها نحو تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني، وتشجيع‏? ?الكوادر? ?البشرية? ?المواطنة? ?على? ?الانخراط? ?في? ?سوق? ?العمل،? ?وفي? ?قطاع? ?ريادة? ?الأعمال،? ?كجزء? ?من? ?الاستراتيجية? ?الوطنية? ?للتمكين،? ?وكأحد? ?متطلبات? ?التنمية? ?الشاملة? ?والمستدامة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية