عرب إسرائيل ليسوا «طابوراً خامساً» وغياب المبادرة السياسية أجج الانتفاضة الثالثة «هآرتس» أول أمس، وتحت عنوان «على نتنياهو منع التحريض ضد عرب إسرائيل»، قالت «هآرتس» في افتتاحيتها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتهم الأعضاء العرب في الكنيست بالتحريض ضد إسرائيل.. نتنياهو اتهم قيادة حزب «بلد» (الحزب القومي العربي)، واصفاً إياها بالقيادة الشيوعية التي تحرض ضد إسرائيل ومن ورائها تختفي أعلام «داعش». تصريح من هذا النوع، له تداعيات مدمرة على العلاقة بين المواطنين العرب والأغلبية اليهودية في وقت يشعر كلا الطرفين بالتهديد من قبل الطرف الآخر، ويشعر كلاهما بالخوف من السير في الشوارع. وبالإضافة إلى خطورة إطلاق هذا النوع من التصريحات في هذا الوقت، فإنها تعكس مدى تجاهل نتنياهو للخصائص السياسية والاجتماعية للمجتمع العربي في إسرائيل. فالحزب العربي ليس له علاقة بالحزب الشيوعي، حتى ولو كان بعض أعضاء حزب «بلد» لديهم علاقة سابقة بالحزب الشيوعي، كما أن هناك تنافساً بين الحزبين، وعلى الرغم من تعاونهما في القضايا التي تهم العرب داخل الكنيست، فإن هذا لا يعني أنهما ينحيان خلافاتهما جانباً. وترى الصحيفة أن الرؤية السائدة لدى معظم الإسرائيليين، هي أن عرب إسرائيل «كتلة واحدة»، وهذا غير صحيح، كونه يتجاهل تعدد الآراء داخل هذه الكتلة. وهذه الرؤية المغلوطة سببها التغطية الإعلامية المشوهة لأحداث المجتمع العربي في إسرائيل. الصحيفة أشارت إلى مسيرة الثلاثاء الماضي، التي جرت في منطقة «سخنيم»، وشارك فيها ما يزيد عن200 ألف مواطن عربي من فئات عمرية مختلفة، وعبروا عن استيائهم من سياسات الحكومة الإسرائيلية، وأفصحوا عن رغبتهم في انتهاج وسائل ديمقراطية للتعامل مع مشكلات مثل التمييز ضدهم والعنصرية في التعامل معهم، مؤكدين رغبتهم في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: بدلاً من التحريض ضد المواطنين العرب في إسرائيل، فإنه من الأفضل للحكومة الإسرائيلية أن تنتهج سياسة جديدة تنظر خلالها للعرب كمواطنين لهم حقوق متساوية وليس طابوراً خامساً يلحق الضرر بالدولة العبرية.. «يديعوت أحرونوت» في مقاله المنشور، أول أمس ب«يديعوت أحرونوت»، وتحت عنوان «انتفاضة الصغار والبؤساء»، استنتج «أليكس فيشمان» أن طوفان الشباب والشابات الذي يتدفق في الشوارع لا ينتمي إلى شريحة المهمشين داخل المجتمع الفلسطيني، بل هم جزء من جيش يضم أكاديميين عاطلين وطلاب بائسين في المرحلة الثانوية، ممن لا يهتمون كثيراً بالمشكلات السياسية الإقليمية. انتفاضة الصغار كما يصفها «فيشمان» تتواصل منذ قرابة شهر، وما يترتب عليها من موجة عنف وإرهاب، ليس بالإمكان وقفها إلا باستخدام القوة، بل والمزيد من القوة. الكاتب لا يطالب باحتلال الضفة ولا تدشين سياج حول الأراضي المحتلة. لكن يمكن تطويق الانتفاضة بنشر مزيد من القوات على الأرض، وضمان وجود أمني منتظم في المراكز التجارية والمنشآت الحساسة، وتوقيف مثيري الشغب عبر مداهمات واسعة النطاق، ومعاقبة أولياء أمور الشباب الضالعين في عمليات عنف. ويصف الكاتب الانتفاضة الحالية بأن قادتها شباب تحت سن العشرين، يجوبون الشوارع من أجل قتل اليهود، وهؤلاء لا يفكرون أو يدرسون احتمال تعرضهم للقتل، بل ما يهمهم أن يصبحوا أبطالاً وطنيين يحظون بالتقدير من المحيطين بهم. «جيروزاليم بوست» «هل بدأت الانتفاضة الثالثة؟»، تساؤل عنون به «ليور أكرمان» مقاله في «جيروزاليم بوست» أول أمس، مستنتجاً أن موجة العنف التي تجتاح إسرائيل منذ شهر، والتي وصلت ذروتها الأسبوع الماضي لم تكن مفاجئة، ذلك لأن وتيرة العنف المرتبط بنزعة وطنية آخذة في الازدياد منذ سنتين، وعدد الأحداث التي تم خلالها استخدام عبوات ناسفة سواء داخل السيارات أو حافلات الركاب تزداد أيضاً، ما جعل كثيرين يتساءلون عما إذا كنا بصدد انتفاضة ثالثة. «أكرمان» المسؤول السابق في جهاز «شين بيت» يفسر ما يجرى الآن بعاملين رئيسين، أولهما غياب المبادرة السياسية من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، فالحكومة الإسرائيلية، لم توافق على التعاون مع السلطة الفلسطينية تحت قيادة محمود عباس، وهذه السلطة لم تبادر أيضاً بمواقف سياسية جديدة، بل وظفت حسب الكاتب جزءاً من طاقتها لتحريض الفلسطينيين وعرب إسرائيل على مهاجمة الإسرائيليين. وحسب «أكرمان» ادعى «عباس» أن حكومة نتنياهو تتآمر للسيطرة على المسجد الأقصى، وتستعد السلطة الفلسطينية إلى طرح اتهامات ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بلاهاي. العامل الثاني الذي أسفر عن اندلاع موجة عنف جديدة ضد الإسرائيليين، يتمثل في التراجع المتواصل لقدرة إسرائيل على الردع. فالفلسطينيون الذين يشنون الهجمات لم يعد لديهم خوف من قوات الأمن الإسرائيلية. وبغض النظر عما إذا كانوا يخططوا لهجمات منذ شهور، أو يستيقظون صباحاً ليشنوا هجمات بالسكاكين على أفراد الشرطة الإسرائيلية، فإن المحصلة واحدة في الحالتين. ويقول «أكرمان»: خلال السنوات القليلة الماضية، لم تشن إسرائيل أية هجمات على المنظمات الإرهابية ك«حماس» في غزة أو التنظيمات الإسلامية الأخرى داخل إسرائيل ،أو «حزب الله» في لبنان. ولكي تضع الدولة العبرية حداً للإرهاب، يتعين عليها: جمع معلومات استخباراتية، وتحقيق الردع من خلال عدم الانتظار حتى تقع الجريمة بل المبادرة بمزيد من القوات لردع العدو وتأكيد جديتنا في مواجهته، وضرورة المبادرة بمحادثات سياسية مع السلطة الفلسطينية وبدعم دولي. «تايمز أوف إسرائيل» في مقاله المنشور الثلاثاء الماضي في «ذي تايمز أوف إسرائيل»، وتحت عنوان «أطفال أوسلو هم الآن الشباب الفلسطيني في هبة القدس»، رأى «آفي يسخاروف»، أن الشباب المشاركين في تظاهرات القدس، قد وُلدوا بعد اتفاق أوسلو عام 1993 وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية، وسمعوا عن الاحتلال الإسرائيلي بمنطقه القديم، وينظرون للسلطة الفلسطينية بازدراء وتشكيك. وهذا الجيل يُلقب ب«أطفال أوسلو»، وهؤلاء مدمنون على الإنترنت والطبع «فيسبوك»، وهم يكونون شبكة اتصالات وأخبار خاصة بهم، حتى أن «الجزيرة» بالنسبة لهم بمثابة «أخبار للمسنين». إعداد: طه حسيب