هل تستطيع الأسواق المالية أن تنقذ الكوكب بجعل المصالح الذاتية للمستثمرين تساعد في معالجة تغير المناخ والمشكلات البيئية الأخرى؟ والفكرة تكتسب زخما لكن الممارسة ما زالت في حاجة لكثير من العمل. وفي بعض المجالات تبدي الأسواق قدرتها على الاستجابة لتهديدات جوهرية. وأنظروا إلى الحركة المتنامية لسحب الاستثمارات من شركات الوقود الأحفوري. وهذه الحركة دعمها الإقرار بأن أصول هذه الشركات وهي مخزون النفط والغاز والفحم يتعين ألا تستخدم إلى حد كبير إذا أراد البشر تجنب ارتفاع محتمل لدرجة حرارة الكوكب بشكل كارثي. والتزم أكثر من 400 معهد علمي بسحب استثماراتها من هذه الشركات وهذا الرقم ارتفع 50 ضعفاً في العام الماضي. وتمثل هذه الأموال وتقدر بنحو 2.6 تريليون دولار 3.7 في المئة من الأصول العالمية التي يجري إدارتها. وهناك علامة مشجعة أخرى وهي نمو «السندات الخضراء» والاستثمارات التي تستهدف مشروعات هادفة للربح، وتحقق أيضاً فوائد بيئية. ففي العامين الماضيين حصد مشروع «سولار ستار بي. في. في انتيلوب فالي»، بولاية كاليفورنيا أكثر من مليار دولار لبناء ما يعد حالياً أكبر منشأة للطاقة الشمسية في العالم. ومنذ أن طرح بنك الاستثمار الأوروبي عام 2007 لأول مرة مثل هذه السندات نمت السوق لتبلغ قيمتها 36.6 مليار دولار في عام 2014، ويتوقع أن تصل إلى 100 مليار دولار بنهاية العام الجاري. ورغم كل التقدم، فإن حافز تحقيق الربح مازال بحاجة إلى الكثير من الدعم ليحقق أفضل النتائج. والمشكلة الأولى تتمثل في أنه رغم العقلانية في هدف حماية البيئة فربما يتطلب رؤية طويلة الأمد تفتقدها الأسواق. والرؤية ذات المدى القصير تتفاقم والمستثمرون في بريطانيا والولايات المتحدة يميلون إلى إضفاء قيمة أقل بكثير على تدفق النقد في المدى البعيد مما يجب عليهم. وحيث يُنظر إلى العائدات بعد 30 عاماً باعتبارها لا شيء في الأساس. وهذا مزعج إذا كنا نتوقع أن تضع الأسواق سعرا لمخاطر كارثة بيئية على سبيل المثال تتكشف أبعادها في الخمسين عاما القادمة أو في القرن القادم. والمشكلة الثانية أن الأسواق رغم أنها في أكثر الأحلام تفاؤلاً لدى المنظرين الاقتصاديين لا يمكنها أن تعمل إلا إذا توافرت المعلومات للمستثمرين. وعندما يتعلق الأمر بمدى تأثير المبادرات الاقتصادية على الأنظمة البيئية فلا تتوافر هذه المعلومات. والعام الماضي، عندما نظم «دويتشه بنك» طرحا أوليا عاما للأسهم لمجموعة صناعة التونة القابضة الصينية، تطلب الأمر من جماعة «جرينبيس» المدافعة عن البيئة أن تشير إلى أن التوقع الأولي للنمو في صناعة الصيد يتجاهل تماما التقييم العلمي الذي يبين أن نوعاً من أسماك التونة في المحيط الهادي واقعة بالفعل تحت تأثير صيد جائر للغاية وهي بحاجة إلى الحماية. وأوقفت بورصة هونج كونج طرح الأسهم لكن هذا لم يحدث إلا بسبب يقظة طرف من خارج السوق. وهناك مخاوف مشابهة تحيط السندات الخضراء. فمن غير الواضح إذا كان وصف «أخضر» يمكن الوثوق به دوما. وكثير من علماء البيئة قلقون من احتمال أن يكون لمشروعات الوقود الحيوي على سبيل المثال تأثيرات سلبية إلى حد بعيد على التنوع البيولوجي. ولفهم القيمة الحقيقية لعمليات طرح الأسهم هذه يحتاج المستثمرون إلى أن يصبحوا أكثر دراية بعلوم البيئة وأن يتشاوروا مع العلماء للتأكد من أن أحدث المعرفة تنطبق على قرارات الاستثمار. والإقرار باحتمال التمويل للعب دور مفيد نشر بعض علماء البيئة التماسا إلى زملائهم كي يشاركوا. وباختصار، لن تستطيع الأسواق المالية مساعدة الكوكب ما لم يصبح الكوكب قادرا على مساعدة الأسواق. إنها محرك قوي للغاية للتنظيم لكن الأمر يحتاج إلى معرفة حقيقية ومبادرة إنسانية وضغط اجتماعي للإبقاء على استمرارية سيرها في الاتجاه المرغوب. ــ ــ ـ ـ ـ عالم في الفيزياء ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزز سيرفس»