انتهت ثالث تجربة انتخابية لشغل مقاعد المجلس الوطني الاتحادي بتسمية عشرين عضواً منتخباً بطريق الاقتراع المباشر من قبل الهيئات الانتخابية، وستبقى المقاعد العشرون الأخرى شاغرة حتى تتم تسمية شاغليها من قبل حكام الإمارات تعييناً، وتمت الانتخابات على ثلاث مراحل شملت التصويت خارج الدولة في السفارات ثم التصويت المبكر والتصويت يوم الانتخابات في الثالث من أكتوبر الجاري وبلغت نسبة المشاركة في العملية الانتخابية 35,29%. ونقف اليوم وقفة متأنية للنظر وتحليل مخرجات ثالث تجربة انتخابية لنصف أعضاء المجلس الوطني من ناحية الهيئات الانتخابية، المرشحين والمرشحات والبرامج الانتخابية والمخرجات النهائية. أولاً، فلنبدأ بمراجعة أساس العملية الانتخابية وهي الهيئات الانتخابية، فقد تمت عملية الانتخابات باختيار هيئات انتخابية بلغ مجموع أعضائها 224279 عضواً، بلغ عدد الذكور 52% بينما 48% نسبة الإناث، موزعين حسب النسبة التمثيلية لكل إمارة في الاتحاد، وقد ضمت هذه الهيئات الانتخابية شرائح مختلفة من الشعب لتمثل مجتمعاً مصغراً لدولة الإمارات في كل إمارة مما انعكس على تنوع المرشحين البالغ عددهم لهذه السنة 330 مرشحاً بينهم 47 امرأة، وهو ما عكس استمرار رغبة القيادة الرشيدة في التدرج في عملية التمكين السياسي، حيث صرح معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية ووزير الدولة لشؤون المجلس الوطني بأن الهيئات الانتخابية تشكل نصف أعداد من يحق لهم التصويت على مستوى الإمارات، ولكن بعد ثلاث تجارب انتخابية يطرح التساؤل متى ستشتمل الهيئات الانتخابية على كافة من يحق لهم التصويت في الإمارات السبع؟ ثانياً، بشكل عام تشابهت البرامج الانتخابية بين المرشحين بالتركيز على القضايا الاجتماعية وقضايا المرأة والتعليم، فبدت البرامج الانتخابية أكثر واقعية وتعكس وعياً سياسياً واجتماعياً بقضايا المجتمع وحدود صلاحيات أعضاء المجلس الوطني، وكما في الانتخابات السابقة فقد فازت الأسماء التي كانت حظوظها الأعلى بحكم المنصب الاجتماعي، أو المركز الوظيفي والدائرة الاجتماعية بغض النظر عن البرنامج الانتخابي. ثالثاً، مخرجات العملية الانتخابية، كانت فوز امرأة واحدة عن إمارة رأس الخيمة هي الأستاذة ناعمة الشرهان فلم تخرج تجربة الإمارات عن عباءة التجارب الخليجية السابقة بالنسبة لمشاركة المرأة ترشيحاً وانتخاباً، فالحكومة في المجالس السابقة دعمت المرأة تعييناً في مقابل أن المجتمع لا يزال بحاجة لنقلة نوعية ليصوت للمرأة، وجمهور ناخبي دولة الإمارات ليس بالحالة الاستثنائية في المحيط العربي. هناك حاجة لقراءة الأرقام وتحليلها فنسبة المشاركة في العملية الانتخابية كانت 35,29% وهي نسبة تحتاج للتحليل الموضوعي لعدم رغبة بعض أعضاء الهيئات الانتخابية المشاركة حتى في اختيار «لا أرغب في التصويت لأي أحد»، والنقطة الأهم في كافة الحوارات التي أطلقتها الانتخابات الحديث عن أهمية توسيع صلاحيات المجلس الوطني الاتحادي والانتقال بصفة الاستشاري إلى التشريعي إضافة إلى ممارسة الدور الرقابي على السلطة التنفيذية، كذلك فإن توفر الوعي السياسي والانغماس في الشأن العام متطلبات ضرورية لمن سيحمل على عاتقه الانتساب للمجلس الوطني فشروط الحد الأدنى لم تعد مقبولة. وهنا تبرز أهمية الحاجة لإجراء تغييرات دستورية تتواءم مع متطلبات مرحلة التمكين السياسي بعد ثالث تجربة انتخابية تمر بها دولة الإمارات. تلك الملاحظات وغيرها نوردها حرصاً على إنجاح التجربة الإماراتية حفاظاً على الإنجازات العظيمة التي حققتها الدولة في ظل قيادتها الرشيدة. فالتجربة السياسية الحالية في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي بنيت على أساس المراحل والتدرج في التجربة وقد أثمرت بعد هذه السنوات وعياً سياسياً مجتمعياً، والانتخابات ختاماً وسيلة للتغيير والتطوير لا هدف في حد ذاته.