رئيس وزراء ماليزيا يزور الولايات المتحدة هذا الأسبوع، لكنّ أقطاب المعارضة سبقوه إلى هناك وحذروا واشنطن من إثارة فضيحة سياسية داخل الإدارة الأميركية ذاتها إذا لم تتخلَّ عن تأييد الحكومة الحالية، ووصلت «نورول عيسى أحمد» ابنة زعيم المعارضة السجين «أنور إبراهيم»، إلى واشنطن الأسبوع الماضي وهي تحمل رسالة ناريّة للمسؤولين والمشرّعين الأميركيين فيها أن على الولايات المتحدة أن تنوّع من ولاءاتها في ماليزيا، لأن «نجيب رزاق» لا يجوز أن يبقى في منصبه كرئيس للوزراء. ولا شك أن زيارته الحالية إلى أميركا لحضور اجتماعات الجمعية للأمم المتحدة، سوف تكون الأخيرة لو تعرض للضغوط اللازمة لتقديم استقالته من داخل حزبه وخاصة بعد اكتشاف فضيحة نقل 700 مليون دولار إلى حساباته الشخصية في البنوك. وزعم مؤيدو «نجيب» أن المبلغ هدية شخصية من دولة أجنبية. ويتعرض صندوق الثروة السيادية الماليزي المستثمر وراء البحار والمعروف باسم 1 MBD، لعملية تحرٍّ فيدرالية في الولايات المتحدة تمهيداً لإعادته إلى ماليزيا لو تم إثبات تهمة الفساد بحقه. ويواجه «نجيب» أيضاً تظاهرات حامية في ماليزيا، وهجوماً عنيفاً من حزبه الحاكم. وقد بقي الرئيس أوباما لبضع سنوات وهو يحرص على وصف نجيب بالصديق الحميم، ودعاه ذات مرة للمشاركة في لعب الجولف في هاواي عندما كانت ماليزيا تتعرض لفيضانات كارثية. ويحتاج أوباما لمساعدة الحكومة الماليزية من أجل العمل معه على تأسيس «اتفاقية الشراكة التجارية لدول المحيط الهادي». وتعمل الولايات المتحدة مع ماليزيا لزيادة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتجسس ضد الصين في بحر الصين الجنوبي. لكن شعبية نجيب تراجعت وبدأت تنهال عليه اتهامات الصحافة بخرق مبادئ حقوق الإنسان وتقييد الحريات العامة، وإزاء ذلك يدعو نجيب إلى التمسك بتعاليم الإسلام في محاولة منه للحصول على الدعم السياسي الداخلي، وقالت «نورول» إن حملة نجيب الدعائية تتم على حساب مصالح الولايات المتحدة. وتقول الحكمة المتداولة في واشنطن إن نجيب هو الرجل الأكثر ميلاً لنصرة الغرب من بين كل القادة الماليزيين، وليس هناك ذرة شك في أن من سيحكم ماليزيا بعد نجيب، أياً كان، سوف يواصل الالتزام بالبرامج الأمنية التي تنفذها الولايات المتحدة بالتعاون مع ماليزيا. وهناك بعض الخطر في استمرار التحالف القائم بين واشنطن ورئيس الوزراء الماليزي الحالي، إذ يمكن أن يؤدي هذا التحالف إلى نسف الأسس التي تقوم عليها العلاقات مع ماليزيا ذاتها لو فازت المعارضة بالسلطة، أو أن تؤدي إلى تضاؤل شعبية الولايات المتحدة في أوساط الشعب الماليزي بعد أن أصبح ينظر إليها باعتبارها حليفاً داعماً لنجيب. وقد اعتاد البيت الأبيض أن يتحرك خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الخلف عندما يتعلق الأمر بالحديث عن وضعية حقوق الإنسان في ماليزيا. وعندما صدر الحكم على رئيس الوزراء السابق أنور إبراهيم بجريمة أخلاقية في شهر مارس الماضي للمرة الثانية، طالب البيت الأبيض الحكومة الماليزية باحترام القانون وانتقد القوانين الماليزية ذاتها بحجة أنها ذات طابع تحريضي ومؤطرة بشكل خاص للتصدي للانتقادات الموجهة للحكومة، وسبق لنورول ذاتها أن تعرضت لعملية تحرٍّ شكلية أودعت على إثرها السجن تطبيقاً لتلك القوانين. جوش روجين ـ ــ ـ ـ ـ محلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"