كُتب الكثير عن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى المعروفة(5+1)، وذلك بعد مفاوضات سرية وعلنية دامت نحو العامين، وامتدت من مسقط في سلطنة عُمان إلى جنيف ولوزان في أبريل 2015 عبر الاتفاق الإطار وأخيراً في فيينا بالتوقيع على الاتفاق النهائي في 14 يوليو 2015- بعد جولات مفاوضات ماراثونية-شغلت وزراء خارجية الدول العظمى، الذين أهملوا وتركوا الملفات المهمة الأخرى وصرفوا وقتاً طويلاً في المفاوضات مع الوفد الإيراني المفاوض بقيادة وزير الخارجية الإصلاحي محمد جواد ظريف الذي لمع نجمه وفاق نجم الكثير من المسؤولين الإيرانيين ما قد يكون بداية تهميشه من قبل المحافظين داخل النظام الإيراني مع الرئيس الإصلاحي حسن روحاني. وبالرغم من ترديد كلا الطرفين أن أي منهما لم يقدم تنازلات، فإن الواقع أن كلاهما قدما تنازلات للتوصل للاتفاق النووي. وكانت ردود الفعل متباينة. ففي الوقت الذي رحبت دول مجلس التعاون الخليجي بالاتفاق النووي وأرسلت القيادات الخليجية برقيات تهنئة للقيادة الإيرانية، ثمة بوادر قلق ومخاوف من تداعيات الاتفاق النووي على دول الخليج وأمن المنطقة. اتفاق على حساب المنطقة ما يثير القلق من الاتفاق النووي أنه سيمنح إيران الثقة والشرعية والغطاء والمال لتُصعّد من مواقفها، وتمضي في مشروعها، وتمارس دور الدولة المرجعية وصاحبة القرار في إقليم بلا نظام وتوازن قوى، وذلك على حساب أمن واستقرار الدول الخليجية. فيما الحلفاء الغربيين لن يحركوا ساكناً لمنع التمدد الإيراني، والوقوف أمام المشروع الإيراني، لذلك فإن الموقف الخليجي الداعم للاتفاق النووي يربط هذا لدعم بمنع إيران من أن تصبح دولةً نووية، على أن يُعدل الاتفاق من سلوكها ومقارباتها لملفات المنطقة، ذلك لأن البديل سيكون سيئاً للجميع. ولكن لا يبدو أن ذلك ما تم التوصل إليه في الاتفاق النووي، ولذلك لا يخفي الترحيب والتهنئة الخليجية حجم القلق وغياب الثقة، وأن الاتفاق النووي سيغير مواقف وسياسة ومشروع إيران في المنطقة. والواقع أن الطرف الإيراني قاد مفاوضات شرسة لانتزاع الكثير من التنازلات وتعظيم المكاسب وتقديم تنازلات معقولة في إطار سقف يتحكم فيه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي-صاحب القرار النهائي في الشأن الأمني والخارجي والدفاعي والنووي والقضائي والإعلامي والقضائي. «تنازلات بطولية» والواقع أن مفاوضات الملف النووي التي دامت لمدة عامين لم يكن للمرشد أن يمنحها مباركته، ويعطي الضوء الأخضر لانطلاقها دون ما سماه«التنازلات البطولية»، والتي أشبهها بتجرع كأس السم مرة ثانية لمرشد آخر في النظام الإيراني، حيث وصف مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخوميني التوقيع والموافقة على وقف الحرب العراقية- الإيرانية بعد ثمانية أعوام دامية «بتجرع كأس السم». وتكرر هذا مع المرشد علي خامنئي، الذي برر الجلوس مع «الشيطان الأكبر»، والتفاوض مع الأميركيين، والقوى الكبرى ضمن مفهوم «التنازلات البطولية»، وما لم يقله ويقر به المرشد الأعلى، هو أن العقوبات الصارمة بأبعادها الثلاثة الدولية بستة قرارات من مجلس الأمن والعقوبات الأميركية، والذي يعود بعضها لثلاثة عقود منذ احتلال السفارة الأميركية واحتجاز دبلوماسيين أميركيين في طهران لمدة 444 يوماً عام 1979، والعقوبات الأوروبية، وآخرها في عام 2012 بمقاطعة منتجات النفط الإيرانية، والحصار الدولي المطبق وعزل إيران من النظام المصرفي الدولي، وأن مقاطعة النفط الإيراني وانخفاض صادرات إيران من النفط من 3 ملايين برميل يومياً، لمليون برميل- شل الاقتصاد الإيراني وأحدث أزمة مالية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في تأثيرها وأبعادها. ثانياً: تقاطع الرغبات بين عقيدة أوباما ونزق إيران: في الواقع، فإن كلا الطرفين الأميركي والإيراني كانا يرغبان كلٌ من وجهة نظره في التوصل لاتفاق نووي لخدمة أهدافه وتلبية طموحه وتخليد إرثه. فأوباما الذي قدم عقيدة مسالمة تجنح نحو السلم والتفاوض والدبلوماسية، وتجنب المواجهات والحروب-وطور تلك العقيدة لما أطلق عليه القيادة من الخلف. ووصفت أوباما بأنه آخر الأباطرة ولا حروب في عهد أوباما قد شجع ودافع، وقاد فريق عمل إدارته للترويج للاتفاق النووي وصولًا لتبادل أربعة رسائل سرية للمرشد الأعلى وآخرها في أكتوبر 2014 يحث المرشد على الدفع باتجاه التوصل لاتفاق نووي للتفرغ للتنسيق لمواجهة التطرف والإرهاب، وخاصة تنظيم«داعش». كما أن أوباما كان أول رئيس أميركي يعلن مع بدء رئاسته الأولى في يناير 2009 مد اليد لخصوم أميركا والعمل المتواصل مع الخصوم كإيران وكوريا الشمالية لتدشين علاقة أفضل في الطريق لحل الخلافات. ولذلك كان الانفتاح على إيران وكوريا الشمالية وكانت الرسائل السرية واللقاءات السرية والعلنية والتي تُوجت بالتوصل لاتفاق نووي تاريخي. عقيدة أوباما كما يجب أن نشير إلى ثلاثة عوامل لعبت دوراً مهماً في تصميم أوباما على التوصل لاتفاق نووي في ولايته الثانية والأخيرة حتى إذا عنى ذلك مواجهة أشرس معارض للاتفاق النووي رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومعه خصوم أوباما في الكونجرس الأميركي بمجلسيه الشيوخ والنواب. الأول: أن التوصل لاتفاق نووي كان بسبب الرغبة الجامحة لكل من إدارة الرئيس أوباما لتجنب ما يسميه أوباما الخيار الأسوأ. وتجنب حرب أخرى في الشرق الأوسط ومنع إيران من أن تصبح دولة نووية، وبسبب العقوبات الخانقة التي تعاني منها إيران. ثانياً: عقيدة أوباما المهادنة ورفضه للولوج في حروب مكلفة، حيث كان من أبرز السياسيين الأميركيين المعارضين لحرب الرئيس بوش الابن في العراق وروج في حملته الانتخابية الأولى، أنه انتخب لإنهاء الحروب وليس لشن حروب جديدة. البحث عن إنجاز ثالثاً:إرث أوباما، لدى كل رئيس أميركي طموح وأمل ورغبة قوية أن يخلد في سجل الرؤساء الأميركيين العظماء. والرئيس أوباما الذي لا يملك الكثير من الإنجازات التي ستخلده كرئيس مميز وعظيم فلذلك بذل جهوداً مضنية وكبيرة للتوصل للاتفاق النووي ليسجل التاريخ أنه الرئيس الأميركي الذي يعتقد أنه أوقف وجمد وربما كما يروج ولكن بشكل غير صحيح برنامج إيران النووي. أن يسجل التاريخ أن أوباما هو الرئيس الأميركي الذي نجح بوقف وتجميد برنامج إيران النووي. ولذلك من وجهة نظر أوباما فإن فوزه بجائزة نوبل للسلام عام 2009-هو فوز مستحق. ولذلك فإن هذا من وجهة نظره سيخلد إرثه بين الرؤساء الأميركيين العظام الذين لعبوا دوراً مهماً، وتركوا إرثاً كبيراً في تاريخ الرئاسة الأميركية والولايات المتحدة الأميركية كواشنطن ولنكولن وكنيدي وريجان. لكن الواقع قد يكون ما سيتذكره العالم عن إرث أوباما، وما فعله من تمهيد الطريق للاتفاق النووي والقلق الخليجي من تداعياته وتقوية يد إيران بل إطلاق يدها، وربما يؤدي الاتفاق النووي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط. ثالثاً: النزق والواقعية، تحول مقاربة إيران من مقاومة الحسين إلى مهادنة الحسن يرى أوباما وإدارته أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، ومعها حلفائها الأوروبيين والعقوبات الدولية قد آتت أكلها ودفعت إيران للجلوس مرغمة على طاولة المفاوضات والموافقة على المهادنة وتعديل من سلوكها ببراجماتية غابت عن صانع القرار الإيراني منذ عقود. وهذا ما يسميه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله خامنئي ب«التنازلات البطولية». ولكن مع ذلك وإذا تجاهلنا الضجيج الذي تفتعله إيران بين الحين والآخر، وتوزيع الأدوار بين ما يُسمى في النظام الإيراني «المحافظون والإصلاحيون »والصراع اليوم لاحتواء ارتفاع نجم المعتدلين على حساب انحسار وتراجع دور«المحافظين» فإن إيران واقعياً تراجعت عن خطاب ولغة المقاومة والمواجهة التي تمثل في عقلية النظام الإيراني مقاربة الحسين واقترب النظام الإيراني دون أن يقر بذلك من مهادنة وبراجماتية الحسن. «الموت لأميركا».. نهاية شعار رابعاً: تراجع الخطاب الثوري، و»الموت لأميركا«تحول شعاراً، فعلى الرغم من التغيير الدراماتيكي وجلوس أحد أضلاع«محور الشر» مع الشيطان الأكبر على طاولة المفاوضات-وصار أمراً روتينياً أن يجتمع وزير الخارجية الأميركي مع نظيره الإيراني، وبالرغم من استمرار ترديد المرشد وبعض القيادات في الحرس الثوري والمؤسسة الدينية حتى بعد التوصل لاتفاق نووي بأن أميركا لا تزال« الشيطان الأكبر»، وبالرغم من تراجع شعارات«الموت لأميركا»، وإزالة تلك الشعارات من سور السفارة الأميركية في طهران-إلا أن المرشد كرر وذكر في رسالة للإيرانيين لاستمالة المحافظين، وآخرها في مطلع شهر سبتمبر بعد نحو شهرين من التوصل لاتفاق نووي حيث ردد بأن أميركا لا تزال الشيطان الأكبر، ما يدل على الارتباك واستمرار ازدواجية الخطاب الإيراني ولكن لم تعد أميركا والقوى الكبرى تأخذ بتلك الشعارات الإيرانية. خامساً: القلق الخليجي: كتبت في 20 يوليو 210 5مقالاً عن «صعوبة تسويق اتفاق إيران»، وخاصة من طرف واشنطن وطهران. وتساءلت في المقال:«إذا كان الاتفاق النووي مجدياً، لماذا تسعي إدارة أوباما لطمأنة الحلفاء الخليجيين من قمة كامب ديفيد وتطمينات بلا ضمانات. إلى اتصال أوباما بقادة دول مجلس التعاون الخليجي ومقابلته لوزير الخارجية السعودي في البيت الأبيض.. وإرسال وزير دفاعه وخارجيته للدول الخليجية ليقنعنا بأن الاتفاق النووي هو لمصلحتنا وستعمل إدارته على تعزيز أمننا إذا كان الاتفاق النووي سيقلم أظافر إيران. وأضفت:«أخطر ما في الاتفاق النووي بين إيران مع القوى الكبرى، هو التحول الاستراتيجي في سياسة ومواقف الإدارة الأميركية من خصمها التاريخي والتمهيد لتقبل إيران حليفاً محتملاً ولاعباً فاعلاً يملك مفاتيح حلول أو تصعيد لأزمات المنطقة من أفغانستان إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، بما فيها أمن مصادر الطاقة وطرق النفط والخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن. هذا التحول الاستراتيجي وعدم تضمين مشاغبات وتدخل إيران في شؤون دولنا ومنطقتنا وتهديد أمن حلفاء واشنطن، أمر مقلق في بعديه الاستراتيجي والأخلاقي. المرشد يغازل «المحافظين» المرشد الأعلى يكرر مراراً لإرضاء الجناح «المحافظ: والمتشدد في إيران بأن المفاوضات مع الأميركيين تقتصر على الملف النووي، ولن تشمل أو تتطرق لقضايا أو ملفات أخرى يمكن لإيران أن تلعب فيها دوراً إيجابياً أو سلبياً، خاصة وأن إيران وسعت شبكة علاقاتها وإمساكها بملفات أبرزها النووي، ولكن تشمل ملف أفغانستان والأمن الخليجي والنفط والعراق وسوريا ولبنان واليمن والقدرات اللامتوزاية- والقوة الناعمة والتدخل في شؤون الدول الخليجية عن طريق الخلايا الإرهابية وخلايا التجسس- كما برز واضحاً، وخاصة بعد التوصل للاتفاق النووي- في الكويت والبحرين، ويتضح ذلك أيضاً من خلال دعم مليشيات مسلحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. خطأ تاريخي كان لافتاً ردود الفعل المتباينة حول الاتفاق النووي. فوصفه الرئيس أوباما والرئيس روحاني والقادة الأوربيون ب«التاريخي»، فيما وصفه رئيس وزراء إسرائيل وقادة الكونجرس «الجمهوريون» بالخطأ التاريخي، وهددوا بنسف الاتفاق وعدم تمريره في الكونجرس وفيما هدد أكثر من مرشح من الحزب «الجمهوري» لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية بتمزيق الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران في اليوم الأول من تولي منصب الرئيس! تعزيز «المشروع» الإيراني ما يثير انزعاج دول الخليج هو عدم تلبية مطالب وتهدئة هواجس حلفائهم الخليجيين حول دور وسياسة إيران المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة. ما يعزز الفرز المذهبي و(الطائفي) السُني الشيعي وعدم إدراج حلفائها ضمن المنظمات الإرهابية-والتنسيق مع الحرس الثوري وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي يتحكم في سير المعارك والمدرج أميركيا مع فيلقه والحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة الإرهاب العالمي! ولذلك وعد أوباما بعدم رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليهم! استقواء ما بعد «النووي» والواضح أن ما يقلق دول مجلس التعاون الخليجي، عدم التفات واشنطن لاستقواء طهران بالاتفاق النووي. واستمرار إيران في تعزيز مشروعها بغطاء ومباركة من القوى الكبرى. ما يمنح إيران غطاءً شرعياً دولياً ويدمجها في المجتمع الدولي ويتغاضى عن مشروعها وزعزعتها للأمن والاستقرار في المنطقة. سادساً: التباين في الموقفين الخليجي والأميركي من الاتفاق النووي: هناك تباين واضح يصل لدرجة التناقض في مضمون الاتفاق النووي، وهذا يثير الكثير من القلق لدى الطرف الخليجي. أولاً: الاتفاق النووي لا ينهي برنامج إيران النووي بل يجمده لعشر سنوات. ثانياً: الاتفاق يجعل إيران على أعتاب الدولة النووية بعد عِقد من الزمان أو أقل إذا خرقت طهران الاتفاق. ثالثاً: يضع أوباما الثقة في أن الاتفاق النووي سيدفع إيران للالتزام ببنود واردة فيه، كي تتخلص إيران من العقوبات، وهذا سيؤمن لطهران عوائد بأكثر من 120 مليار دولار ويزيد صادراتها بمليون برميل نفط يومياً، ما سيزيد من عوائد إيران المالية. والأهم من ذلك دمج إيران بالمجتمع الدولي ورفع الحظر المصرفي وعودة الشركات لاستثمار في إيران وخاصة الشركات النفطية التي تصطف في طابور للظفر بجزء من الكعكة الإيرانية التي تثير لعاب القوى الكبرى وتتقدم فرنسا الركب مع بريطانيا وإعادة افتتاح السفارات الغربية. وأن ذلك سيعدل ويهذب سلوك ومقاربات إيران في المنطقة ويوقف تدخلها في المنطقة. رابعاً :إذا كانت إيران نجحت كما تفاخر بالسيطرة على أربعة عواصم عربية. فماذا سيكون عليه الحال بعد الاتفاق النووي ورفع العقوبات وتدفق مليارات الدولارات على الخزينة الإيرانية. وكيف نضمن أن إيران لن توظف الأموال في خدمة مشروعها وتعزيز دور وأنشطة حلفائها؟ مسلسل التدخل يتواصل في الواقع، فإنه منذ أن أبرمت إيران الاتفاق النووي، ووتيرة تدخلاتها في شؤون المنطقة تتزايد، وكثفت طهران تحرشها باستقرار دول المنطقة، وضمن هذا الإطار قطعت اليمن علاقتها مع إيران لتدخل الأخيرة في الشأن اليمني من خلال دعم الانقلابيين «الحوثيين»، كما طردت البحرين القائم بالأعمال الإيراني واستدعت سفيرها من طهران وقدمت شكوى رسمية للأمم المتحدة متهمة إيران بالتدخل السافر في شؤون البحرين، تدخل أدى لمقتل 16 من رجال الأمن وجرح 3000 شخصاً آخرين. وكذلك اكتشفت الكويت وفككت أكبر شبكة إرهابية من 25 مواطناً كويتياً وإيرانياً واحداً تم تجنيدهم وتدريبهم وتسليحهم من إيران، ما يعد أكبر اختراق أمني في تاريخ الكويت. وقد وجهت النيابة العامة الكويتية للذين يحاكمون في هذه القضية، اتهامات خطيرة وغير مسبوقة بعد جلبهم أسلحة ومتفجرات وصلت لطن ونصف من المتفجرات، وجلبهم وتجميعهم وحيازتهم «مفرقعات ومدافع رشاشة وأسلحة نارية وذخائر وأجهزة تنصت بغير ترخيص بقصد ارتكاب جرائم بواسطتها»، كما وجهت النيابة تهمة التخابر مع إيران و«حزب الله»، والانضمام والدعوة للانضمام إلى جماعة «حزب الله»، التي غرضها «نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم السياسية بطريقة غير مشروعة والانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.» كما أفادت بعض الصحف الكويتية ومواقع إخبارية أن دبلوماسيين في السفارة الإيرانية في الكويت شكلا حلقة التواصل مع الخلية الإرهابية. على الرغم من ترحيب دول مجلس التعاون الخليجي بالرغم بالاتفاق النووي وتمنيها عقلنة خطاب ومواقف إيران إلا أن دول المجلس محقة بأن تقلق من الاتفاق النووي والخشية أنه سيزيد من مداخيل إيران ومن نفوذها وتماديها وتدخلها في المنطقة، خاصة مع تدفق المليارات المجمدة وعوائد النفط وكان ملفتاً وصف وزير خارجية المملكة العربية السعودية ما تقوم به إيران «بمشاغبات ومغامرات.»وكان وزير الخارجية السعودية طالب إيران في مؤتمر صحفي في واشنطن مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن تستخدم الاتفاق النووي لتحسين اقتصادها وليس لمواصلة المغامرات في المنطقة. محذراً إذا حاولت إيران أن تسبب مشاكل في المنطقة، فنحن سوف نواجهها بحزم. «حطام» أميركي أما خيارات دول مجلس التعاون الخليجي في التعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تشعر بخيبة أمل وبحالة من الإحباط من الصمت الأميركي وعدم مواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، أو الضغط على إيران ومن يواليها لتغيير سلوكهم ومواقفهم المهددة للأمن والاستقرار ومصالح حلفائهم وحتى مصالح واشنطن. وبعد التدخل الروسي الواضح في حرب تحت شعار محاربة تنظيم «داعش»، وهو ما تقدم إيران أوراق اعتمادها في تشكيل رأس حربة لمحاربة هذا لتنظيم وبعد فشل استراتيجية إدارة الرئيس أوباما في سوريا بإلغاء برنامج تدريب المعارضة السورية المعتدلة، وعدم مواجهة روسيا في سوريا التي استهدفت «الجيش الحر» وبعض الكوادر التي دربتهم وسلحتهم الولايات المتحدة، تحولت استراتيجية وسياسة الولايات المتحدة في سوريا والمنطقة إلى«حطام» على حد وصف السيناتور «الجمهوري» الأميركي المخضرم «جون ماكين»، الذي شخص ما أدت إليه سياسة إدارة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، الذي وصفها ب(الحطام)، والتي أدت حسب ماكين إلى إرباك حلفائنا وتشجيع أعدائنا. إحباط خليجي بينما الواقع أن شعور حلفاء واشنطن أقرب إلى الإحباط والقلق منه إلى الإرباك بسبب التردد وعدم الحسم الأميركي والهوس بالتوصل لاتفاق نووي مع إيران. ولذلك لم يتردد أوباما في مواجهة أعضاء الحزب«الجمهوري» في الكونجرس، وواجه ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو واللوبي الأميركي الإسرائيلي لتمرير الاتفاق النووي في الكونجرس دون اللجوء لاستخدام «الفيتو»، بعد أن حصل على الأصوات الكافية في مجلس الشيوخ لتمرير الاتفاق النووي. اضطرت المملكة العربية السعودية مع شركائها الخليجيين وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وكذلك الكويت وقطر للرد على الموقف الأميركي المتردد، حيث أخذت زمام المبادرة، وشنت «عاصفة الحزم» من أجل إعادة الشرعية لليمن واحتواء التمدد والمشروع الإيراني والدفاع عن أمننا القومي باستقلالية وجرأة، وذلك ضمن تحالف غير مسبوق بقيادة سعودية لاحتواء إيران في مناطق صارت خلال السنوات الماضية مناطق نفوذ إيراني، كالعواصم العربية الأربعة التي يفاخر قادة إيران بأنها تحت سيطرتها! سنستمر بالحكم على سياسات الولايات المتحدة الأميركية وإيران بالأفعال وليس بالأقوال. عندما تصبح إيران جزءاً من الحل، وتمارس سياسة حسن الجوار عندها يمكن أن نؤكد أن الاتفاق النووي حقق الأمن والاستقرار الذي نتطلع جميعنا في دول مجلس التعاون لتحقيقه. في المجمل تداعيات الاتفاق النووي كبيرة وخطيرة على دول المجلس، والتحديات والتهديدات أكبر من الفرص التي تفوتها وتهدرها إيران ولا تلتفت إليها واشنطن. وفي ضوء وذلك ولتحصين أمننا الخليجي بات المطلوب حسب نظرية التحالفات، العمل على تشكيل جبهة خليجية متراصة وتحويل منظومة مجلس التعاون الخليجي لجبهة ردع وتوازن..وتؤسس لندية في توازن القوى مع إيران، ولذلك يجب التفكير خارج الإطار التقليدي وتغيير نهج المقاربة مع إيران الذي أثبت عدم جدواه. لأنه لم يعد مجدياً تكرار سياسات ثبت عدم جدواها في التعامل مع طهران، بالاعتماد على حسن النوايا والتمنيات التي لم تنجح سوى في تشجيع إيران على التمادي والتجرؤ وتهديد أمننا! أستاذ العلوم السياسية-جامعة الكويت