شهدت الأيام الماضية إحدى أبرز الخطوات التي قطعتها دولة الإمارات العربية المتحدة على طريق التنمية الشاملة، والارتقاء إلى مصاف الدول الأكثر تطوراً في العالم، حيث ارتسمت ملامح مشهد مشرق رسمه الإماراتيون لوطنهم، عبر المشاركة بفاعلية في العملية الانتخابية لاختيار نصف أعضاء «المجلس الوطني الاتحادي» لدورة برلمانية جديدة، تمتد أربع سنوات مقبلة، يقطع فيها المجلس شوطاً جديداً في مسيرته البنّاءة. وجاءت مشاركة الإماراتيين في انتخابات «المجلس الوطني الاتحادي 2015»، سواءً عبر الترشح لعضوية المجلس أو عبر الإقبال على مراكز الاقتراع للاختيار بين المرشحين، كتطبيق عملي لثقافة المشاركة السياسية، وكجزء لا يتجزأ من المشاركة الأوسع نطاقاً في مسيرة بناء الوطن، وفق منهج تدريجي متوازن رسم ملامحه الأولى الأب المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. كما برهنت الصورة المشرقة التي شهدناها في الأيام الماضية -بما لا يدع مجالاً للشك- على أن دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وحكومة وشعباً، ماضية إلى الأمام وفق النهج نفسه، الذي جاء «برنامج التمكين»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في عام 2005، كخارطة طريق رصينة لإتمامه، واستكمال عملية التمكين السياسي، باعتبار ذلك محوراً أساسياً ضمن محاور التنمية المستدامة للدولة، على المستويين الداخلي والخارجي. وخلال سير العملية الانتخابية بسلاسة وانتظام -يوم أول من أمس السبت- زار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بعض المراكز الانتخابية، وتفقد سموه سير العملية الانتخابية، ومدى يسر الإجراءات المتبعة في التصويت وسهولتها. وقد وصف سموه مشهد الانتخابات ب«العرس الوطني»، وأكد أن «الديمقراطية في بلادنا راسخة، ومتجذرة في مجتمعنا، منذ عهد الأجداد والآباء الذين ورثناها عنهم، بكل فخر وإيمان بموروثنا الاجتماعي والثقافي والديني، من دون تفريط بهذا التراث العربي الإسلامي العريق»، وقال سموه: «هكذا نشأنا وتربينا في مجالس آبائنا وأجدادنا، ونحن نربي أبناءنا حاضراً على التشبث بهذه العادات والتقاليد الأصيلة كي يكونوا في المستقبل خير خلف لخير سلف، وليشركوا المواطن في كل الشؤون التي تمس حياتهم ومستقبلهم وسعادتهم». هذه الكلمات الموجزة تترجم أمرين على قدر كبير من الأهمية في مسيرة التمكين السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهما: الأمر الأول أن القيادة الرشيدة للدولة لديها وعي وإيمان تام بقيم ومبادئ التمكين السياسي المتوازن وأهميته، باعتباره أحد أهم ثوابت وأصول العمل التنموي، وأحد المطالب التي لا غنى عنها في إتمام مسيرة البناء على الوجه الأكمل، ومن ثم فإنها عازمة على استكماله. الأمر الثاني، أن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة تؤمن بأهمية ما ورثناه عن آبائنا وأجدادنا بالنسبة لثقافة المشاركة والعمل السياسي وقيمته الكبيرة، وتعي تمام الوعي ضرورة المحافظة على هذا الموروث وعدم التفريط فيه، من خلال اتباع نهج يقوم على قواعد ثابتة، تتوافق مع هذا الموروث الشعبي والمجتمعي والثقافي، يقوم على التدرج المتوازن، والانفتاح على مستجدات العصر والأخذ بأسباب التطور، بما يواكب مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ـ ـ ــ ـ ـ ـ ــ ـ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.