يخطط مرشحو ما يعرف باسم «الحزب الثالث» في الولايات المتحدة لرفع دعوى قانونية جديدة لاستصدار قرار من المحكمة العليا يسمح لهم بافتتاح جلسات نقاش تتعلق بالانتخابات الرئاسية. وأنا لست محامياً ولكنني أكاد أكون واثقاً من أن هذه الدعوى ستخسر لأسباب قانونية، كما أعتقد أنهم لو ربحوا دعواهم فسيكون هذا وبالاً على الديمقراطية. وتؤكد هذه الدعوى التي تكفّل برفعها ائتلاف من «حزب الخضر» و«حزب الأحرار»، على أن الحزبين الرئيسيين المشرفين على تنظيم الحدث عبر «لجنة النقاشات الرئاسية»، وهما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، سجلا خروقات خطابية واضحة ومخالفة للقانون. وأنا أرى أن هذا الطرح غريب لأننا لا نتحدث عن أصول التعامل في «سوق تجاري» بل هي انتخابات. وكما قال المحلل السياسي «ديف فايجيل» في تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، فإن رافعي هذه القضية يزعمون أن النقاشات التي تدور الآن، تعطي الأفضلية «المصطنعة» لمرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري. ولست أدري ما المقصود بكلمة «مصطنعة»، إلا أنني أوافقهم الرأي على أن النقاشات تصب في مصلحة هذين الحزبين، وبنفس الطريقة التي يحقق بها مرشحو كل منهما الأفضلية في النقاشات المستقلة التي ينظمونها. وهي، على كل حال، الطريقة المعتادة التي يتبعها أي حزبين باعتبارهما يمثلان منظومتين خاصتين غير حكوميتين، ويتمتعان بالحرية الكاملة لاتباعها والإشراف على إدارتها. ويكون من حق كل مرشح من الحزبين أن يقول كل ما يريد متى وأين وكيفما شاء. وتعتبر هذه الحرية التي تتمتع بها الأحزاب، أساسية من أجل تصويب الأفكار والأطروحات السياسية، ولا تعتبر خرقاً للقانون بأي حال من الأحوال. ولو أن الحكومة هي التي تتكفل بالإشراف على هذه النقاشات، فستكون الدعوى التي أقامها «الطرف الثالث» خاسرة سلفاً. كما أن النقاشات التمهيدية للانتخابات الرئاسية تمثل، في الحقيقة، جهوداً تعاونية تطوعية يساهم فيها الحزبان الرئيسيان إلى جانب وسائل الإعلام التي تتولى اختيار ما تراه مناسباً وتنشره على الرأي العام. ويمكن القول بمعنى آخر إن هذه النقاشات هي كلام حرّ وشفاف. ولهذا السبب، تعتبر الدعوى المرفوعة التي تطالب الحكومة بفرض رقابتها على أقوال وسلوكيات المرشحين وحزبيهم، لا أساس لها. وبغض النظر عن الطريقة الصحيحة لتطبيق أي قانون، فإن من أهم مقتضيات الديمقراطية أن نسمح للحزبين الرئيسيين بتنظيم جولات النقاش بالطريقة التي يريانها صحيحة. وذلك لأن الديمقراطية تتطلب مشاركة فاعلة للأحزاب السياسية. وبالطبع، لا يشكل نظام ثنائية الحزبين فقط الطريقة الوحيدة لتحقيق الديمقراطية، إلا أن هذا هو ما يحدث في الولايات المتحدة حتى وإن كان يمثل ممارسة دستورية غير عادية يسمح بها الدستور. وأنا لا أرى مشكلة في سماح الحكومة للحزبين بتقوية وضعيتهما الدستورية من خلال الممارسات الخاصة التي يقرران اختيارها. ويضاف إلى كل ذلك أن نظام التعددية الحزبية غالباً ما يؤدي إلى عدم الاستقرار وتكون له نتائج عشوائية يصعب التحكم فيها. ولاشك أن مثل هذا النظام لا يصب في مصلحة أحد على الإطلاق. وعلى الرغم من أن الفوائد المنشودة من النقاشات المتعلقة بالتحضير للانتخابات العامة شهدت الكثير من المبالغة، إلا أن هذه النقاشات ما زالت تؤدي وظيفتها على أحسن وجه. فهي تثقف عامة الناس بالسياسات التي يتبعها كل مرشح، وتشجع المرشحين على تقديم الوعود بمعالجة القضايا المختلفة، ولذا فهي دليل على مصداقية التمثيل وصحة الديمقراطية. جوناثان بيرنشتاين محلل سياسي متخصص بالسياسات الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»