تتوالى انتصارات جنود الإمارات الأبطال المشاركين ضمن قوات التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن، ودحر الحوثيين الانقلابين، إلا أن للانتصار في معركة سد مأرب مذاقاً مختلفاً، نظراً لارتباط تلك المنشأة المائية التاريخية العملاقة باسم الشيخ زايد، رحمه الله، والذي تم على يديه إعادة إحياء اسم سد مأرب إلى الوجود، عندما تكفل بإعادة بناء السد الشهير، وأمر بتنفيذ ذلك المشروع العملاق، ووضع حجر الأساس له في 2 أكتوبر 1984 ليتم افتتاحه أواخر عام 1986. صار ذلك الإنجاز الضخم مرتبطاً بالإمارات والشيخ زايد، لذلك نعتبر أن رفع علم الإمارات في منطقة السد عقب دحر الحوثيين وهزيمتهم، بمثابة رد اعتبار وتأكيد مزدوج يحمل معنيين: الأول، يمثل استحضاراً متجدداً لاسم الإمارات والشيخ زايد، أما المعنى الثاني، انتصار جنودنا في منطقة سد مأرب ففيه وفاء بوعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد الذي وعد أهالي الجنود الشهداء بالانتصار في معركة اليمن، ورفع علم الإمارات في سد مأرب. وبالفعل تحقق وعد القائد، ولم تمض سوى أسابيع قليلة حتى تم تحقيق الانتصار، ورفرف علم الإمارات عالياً، وسوف تستمر الإمارات بالتعاون مع المقاومة اليمنية والجيش الوطني اليمني وقوات دول التحالف العربي، إلى أن يتم تخليص اليمن من همجية الحوثيين. وها هي بشائر الانتصارات في محافظة مأرب التاريخية مستمرة، ولن ينفع الحوثيين التمترس بالمدنيين في الأحياء السكنية، رغم أن هذه الحيلة تؤجل الحسم، وتجعل الضربات الجوية لقوات التحالف العربي تتريث، وتحاول تنبيه السكان المدنيين القاطنين قرب المعسكرات ومخازن الأسلحة للابتعاد عنها لأجل سلامتهم. وبالعودة إلى الانتصار الذي تحقق في منطقة سد مأرب، نجد أن هذا الحدث يدعونا للترحم على روح الشيخ زايد الذي أعاد بناء السد، وهاهم جنودنا الأبطال -بانتصارهم في المنطقة ذاتها التي زارها زايد- يعيدون إحياء اسم سد مأرب، والتذكير بذلك الإنجاز الاستثنائي لدولة الإمارات في اليمن. ويعود تاريخ السد إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، وهو من أشهر علامات حضارة سبأ التي نشأت في اليمن، ومن المؤسف أن تظهر في بلد عريق حضارياً جماعة طائفية مسلحة كل همها تفريق اليمنيين وإشعال الفتنة بين صفوفهم لمصلحة أجندة إيرانية بعيدة عن ثقافة الجزيرة العربية وأصالتها. كان انتماء الشيخ زايد للأصالة، وحرصه على الوفاء للأمة العربية دافعاً قوياً لمبادرته التاريخية بإحياء سد مأرب، ولمن لا يعرفون قصة بناء السد الجديد، فإنها بدأت إثر حدوث فيضانات في محافظة مأرب اليمنية عام 1982، وعلى إثرها تبرعت الإمارات بـ 3 ملايين دولار لمساعدة المتضررين. وفي مقدمة نثرية كتبها الشاعر الإماراتي سلطان بن خليفة الحبتور لقصيدته، بمناسبة افتتاح السد آنذاك، ذكر أن الشيخ زايد أدرك أن المساعدة التي قدمتها الإمارات لن تحل مشكلة الفيضانات في مأرب، فقرر التبرع شخصياً في العام ذاته بالأموال اللازمة لإعادة بناء سد مأرب، وفي عام 1984 قدمت الإمارات أموالاً إضافية لمواصلة مشروع بناء السد، وقام المغفور له الشيخ زايد بوضع حجر الأساس للمشروع الذي اكتمل، وتم افتتاحه رسمياً عام 1986. ولا مجال للمقارنة بين ما قامت به الإمارات في عهد زايد عبر ذلك الإنجاز، خدمةً للمزارعين وحمايةً لسكان مأرب من الفيضانات، وبين ما فعلته عصابات الحوثيين الذين عملوا قبل هزيمتهم على تحويل منطقة السد إلى منصة لقصف سكان مأرب. لقد تعرضت اليمن لنكبة اسمها الحوثيون، والذين قاموا بتعطيل مؤسسات الدولة والانقلاب على الحكومة الشرعية اليمنية، وعمدوا إلى تعبئة أتباعهم بشعارات طائفية هدفها تمزيق اليمن، وتحويله إلى محمية إيرانية، ما يهدد الأمن القومي الخليجي والعربي عموماً، لذلك تشكَّل التحالف العربي الذي تشارك فيه الإمارات بفعالية، فإلى جانب المساهمة العسكرية، هناك أعمال الإغاثة وإعادة تأهيل المناطق والمدن المحررة، ويقوم الهلال الأحمر الإماراتي بدور كبير في هذا الجانب، وتوزيع المعونات في المناطق المتضررة. -------------------- *كاتب إماراتي