في الوقت الذي يشهد فيه العالم حالة من عدم الاستقرار المالي والنقدي، وتزداد فيه مظاهر التباطؤ في النمو الاقتصادي، وتعاني فيه الكثير من الدول ثقل المديونية الحكومية، ولا يستثنى من ذلك الدول المتقدمة، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تسير بخطى ثابتة على طريق النمو والازدهار، محتفظة لنفسها بمقومات الاستقرار المالي والنقدي، فضلاً عن النمو الاقتصادي الذاتي، الأمر الذي يضعها في مرتبة متفردة على مستوى المنطقة والعالم. وخلال الفترة الماضية قامت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني بخفض التصنيف الائتماني للديون السيادية الفرنسية، مؤخراً، من التصنيف ‏AA1 ?إلى ?التصنيف ?AA2، ?بسبب ?استمرار ?ضعف ?النمو ?الاقتصادي ?الفرنسي ?على ?المدى ?المتوسط، ?إضافة ?إلى ?تنامي ?احتمالات ?تزايد ?عبء ?الديون ?الحكومية ?الفرنسية ?في ?المستقبل ?القريب، ?بالإضافة ?إلى ?مخاطر ?ارتفاع ?معدل ?البطالة ?وضعف ?أرباح ?الشركات، ?وضعف ?القدرة ?التنافسية ?للصادرات ?الفرنسية. ?كما ?قامت ?وكالة «?فيتش» ?للتصنيف ?الائتماني، ?مؤخراً، ?بتخفيض ?النظرة ?المستقبلية ?لفنلندا ?إلى ?سلبية، ?مبررة ?ذلك ?بأن ?الاقتصاد ?الفنلندي ?تعرض ?لبعض ?الصدمات ?العام ?الماضي، ?ولا ?سيما ?في ?بعض ?الصناعات ?الرئيسة، ?من ?بينها ?الاتصالات ?وتكنولوجيا ?المعلومات، ?هذا ?بالإضافة ?إلى ?تضرر ?الاقتصاد ?الفنلندي ?من ?التطورات ?السلبية ?في ?الاقتصاد ?العالمي، ?ولا ?سيما ?تلك ?التطورات ?التي ?تمسه ?بشكل ?مباشر ?كالعقوبات ?المفروضة ?على ?روسيا، ?والتي ?أضرّت ?بالتجارة ?المتبادلة ?بين ?فنلندا ?وروسيا ?بشكل ?كبير. ?وفيما ?يشير ?إلى ?المكانة ?الاستثنائية ?التي ?تحتلها ?دولة ?الإمارات ?العربية ?المتحدة ?فقد ?قامت ?مجموعة ?الأبحاث ?والدراسات ?البريطانية «?الإيكونوميست ?إنتليجانس ?يونيت»?، ?خلال ?الأيام ?الماضية، ?بتثبيت ?التصنيف ?الائتماني ?الإيجابي ?الممنوح ?للإمارات، ?وأكدت ?المجموعة ?استقرار ?مستويات ?النمو ?على ?المستوى ?الكلي ?في ?الاقتصاد ?الإماراتي، ?وخاصة ?في ?القطاعات ?غير ?النفطية. ?إذ ?رأى ?التقرير ?الصادر ?عن ?المجموعة ?أن ?هذه ?القطاعات ?استفادت ?من ?الجهود ?الإماراتية ?الرامية ?إلى ?توسيع ?قاعدة ?النمو ?الاقتصادي ?الوطني، ?بالحدّ ?من ?الاعتماد ?على ?القطاع ?النفطي. بوضع جانبي الصورة إلى جوار بعضهما، والمتمثلَيْن في: أولاً، حالة الضعف الاقتصادي وعدم الاستقرار المالي والنقدي الآخذة في الاتساع والتزايد حول العالم، والتي تُظهر التقارير المذكورة آنفاً بشأن فرنسا وفنلندا أنها أصبحت تطال الاقتصادات التي ظلت في مأمن عن الأزمات طوال السنوات الماضية. وثانياً، الأداء الاقتصادي اللافت للنظر في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الأمر يبرز إلى أي مدى يعيش الاقتصاد الوطني حالة استثنائية لا تتوافر للكثير من دول العالم في الوقت الراهن، بما في ذلك الدول المتقدمة. وهذا الأمر بدوره يدل من زاوية أخرى على كفاءة السياسات الاقتصادية التي تطبقها الإمارات، والتي نجحت من خلالها في بناء قاعدة اقتصادية متينة، تقوم على حزمة متنوعة من القطاعات والأنشطة والصناعات، إذ إنها لم تقصر اهتمامها على تطوير القطاع النفطي والصناعات المرتبطة به، لكنها توسعت في تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى أيضاً، كالبنى التحتية، والسياحة، والاتصالات، والتجارة، والخدمات المالية والمصرفية، والصناعات الدقيقة، والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الخدمات ذات العلاقة بالجانب الاجتماعي للتنمية، كالتعليم، والتدريب، والصحة، وإنتاج المعرفة، إلى أن أصبحت هذه القطاعات المحرك الأساسي للنمو، والحصن المنيع الذي يحمي الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمات. إن اكتساب دولة الإمارات العربية المتحدة هذه المكانة الاقتصادية العالمية البارزة، وتميّز موقعها في منظومة الاقتصاد العالمي على هذا النحو، إنما هو ترجمة لجهود قيادتها الرشيدة وسياساتها المتوازنة وطموحها غير المحدود، الساعي إلى وضع اسم دولة الإمارات العربية المتحدة بين أفضل دول العالم في المجالات كافة، وبذلها الغالي والنفيس من أجل ذلك. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية