إيران بعد الاتفاق النووي تبرز نفسها حمامة سلام، تلوم العالم الأكبر والعوالم الأخرى والناس أجمعين على إزعاجها وقد تسببت «عاصفة الحزم وإعادة الأمل» إلى اليمن المكلومة بالجرح الحوثي في قلبه، فما كان من إيران إلا أن تضرب برأسها حائطاً في البحرين والكويت وسوريا والعراق ولبنان، بعد أن لحقتها الهزيمة في معقلها في اليمن وبدأت أوراقها تتساقط واحدة بعد الأخرى وخاصة عندما انكشفت جثث جرائمها هناك على سطح العالم. عندما طارت حمامة سلام إيران وخرجت من عشها، بدأت تبحث لها عن أعشاش في مناطق النفوذ الإجبارية بسياسة الأمر الواقع فدمّرت الاستقرار في لبنان وأشعلت حرباً طائفية في اليمن وسوريا والعراق ولو بيدها أكثر لتجاوزت كل الخطوط الحمراء المعروفة في السياسة والعلاقات الدولية، إلا أن صحوة عربية خرجت لكي تضيء وتكشف للعالم أجمع ألاعيب إيران الفارسية في المنطقة برمتها. إيران أعطت نفسها الحق الكامل للتدخل الفج والسمج في شؤون من تريد بلا شروط ولا قيود ولا حدود، ومن دون اعتراف مبدئي وأولي بسيادة الدول التي تبعث إليها الخبراء والاستشاريين والأسلحة الفتاكة إلا أنها تلقي بشماعة كل ذلك على التدخل الأجنبي منذ عقود في المنطقة وهي التي لم ولن تسمح لأي كان بالتدخل في شؤونها الداخلية من شعبها الذي يئن تحت مطارق نظام الملالي فضلاً عن الآخرين الذين لم يمسوا السيادة الإيرانية بشعرة ولا قيد أنملة. إيران في كل خطاب رسمي أو ديني تصر على أن الإرهاب هو سبب اللااستقرار في المنطقة، وفي لحظة نُفاجأ بأن هناك صفقة كبرى عقدت في طهران مع «القاعدة» لإطلاق سراح خمس قيادات كبار مقابل إطلاق سراح دبلوماسي إيراني، ولا نعرف هنا إن كانت «القاعدة» بالنسبة لإيران رأس الإرهاب أم أنها رأس حربة إيران تستخدمها لتنفيذ استحقاقات نفوذها في المناطق الملتهبة بالطعم الفارسي، ومن هنا بدأت الوثائق تفصح عن نفسها وتفضح النظام الإيراني عن خطط بن لادن لفتح مكتب ل«القاعدة» في طهران منذ تسعينيات القرن الماضي، ويأتي رئيس مجلس النواب العراقي ليؤكد أحقية إيران بالتدخل في الشأن العراقي حين أكد تأييد إيران قانون الحرس الوطني. هل سمعتم عن دولة عربية تضع مصيرها بيد دولة فارسية لم تترك في العراق غير مقتلة طائفية مستمرة منذ خروج الجيش الأميركي العرمرم من العراق، لكي تترك العراق سبياً ولقمة سائغة في فم طهران؟. وبعد كل ذلك تطالب إيران دول المنطقة وخاصة دول الخليج بحسن الجوار في الوقت الذي يساوي فيه خطيب جمعة طهران بين جرائم الصهيونية وما تقوم به قوات التحالف في اليمن، من إعادة الاستقرار والأمن والأمان، بعد أن سحبت منه إيران سكينته بأيدي سكاكين عملائها من الحوثيين وأعوانهم، إلا أن الأيام القابلة ستحسم معركة النفوذ الإيراني في المنطقة كلها وتعيد حسابات إيران أمام شعبها أولاً ومن ثم أمام العالم أجمع. لقد كانت «عاصفة الحزم» ومن بعدها «إعادة الأمل» نقطة ضوء ساطعة وكاشفة لما تقوم به إيران من تآمر فارسي واضح على أي نسمة استقرار تهب على دول المنطقة، لأنها مأزومة من الداخل، فلا حيلة لها إلا بأن تضرب رأسها بجبل في اليمن أو صخرة في سوريا أو شجرة أرز في لبنان أو نخلة باسقة في العراق، ولكن الدائرة الكبرى ستدور على إيران الداخل إن لم تعد حساباتها في المنطقة برمتها، فهل من عاقل هناك يعيد الأمور إلى نصابها؟!