بعد ثلاثة عقود ونيف رجعت دولة الإمارات بثقلها الاستراتيجي ومسؤوليتها العربية إلى «سد زايد» في مأرب لدعم وإحقاق الحق وتوطيد الشرعية وإعادة الأمن والأمل لشعب اليمن الشقيق. وحينما بادر الوالد المؤسس، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بإعادة ترميم سد مأرب، بكل رمزيته التاريخية والتنموية، كان يعمل وقتها من أجل نجدة اليمن، وتحقيق الأمن للشعب اليمني من الكوارث والفيضانات التي ألمت بالأشقاء اليمينيين بسبب تدهور حالة السد وفيضانه عليهم، وحتى يستطيع أبناء هذا الشعب الشقيق الاستفادة أيضاً من كميات المياه التي تذهب هدراً، وتوظيفها للاستصلاح الزراعي، وتحقيق الأمن الغذائي في تلك المناطق. وقد أجريت الأعمال التي كلفت وقتها أكثر من 90 مليون دولار أميركي في ذلك الوقت واستمرت لأكثر من 4 سنوات من الجد والاجتهاد والمثابرة والمتابعة اليومية، حتى وصلت مساحة حوض السد الجديد 30,5 كيلومتر مربع، وسعته التخزينية حوالى 400 مليون متر مكعب، مع بوابة للتصريف بطاقة 35 متراً مكعباً في الثانية، ويروي السد حوالى 16,570 هكتاراً. كما أن القائد المؤسس الشيخ زايد، رحمه الله، كان يؤمن بأهمية مساندة الشعب اليمني والوقوف بجانبه في كل المواقف وبكل الوسائل، وقد أدرك بحسه السياسي القيادي وبُعد نظره أن ذلك السد التاريخي سيكون له الأثر البالغ في تحقيق الاستقرار والازدهار للأشقاء اليمنيين، وسينعكس بلا شك على الأمن الغذائي والتنمية في دول المنطقة الأخرى. والمشروع يمنع حدوث الدمار الذي تسببه الفيضانات، ويجدد خصوبة آلاف الهكتارات من الأرض الصالحة للزراعة، ولم يتوقف دعم الشيخ زايد، رحمه الله، لاستكمال السد في المراحل الأولى وإنما حرص أيضاً على دعم المشروع وتنفيذ مراحل لاحقة لإضافة آلاف الهكتارات من المساحة الزراعية التي استفادت من القدرة على حفظ المياه وتوظيفها بالشكل الصحيح. واليوم لم يتردد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في تحقيق الأمن الكامل والشامل للمنطقة، مدركاً أهمية دعم الشرعية في اليمن، وتحقيق الاستقرار للأشقاء اليمنيين، والوقوف إلى جانبهم بكل غالٍ ونفيس، في مواجهة عدو حوثي اغتصب سلطتهم، وعاث في الأرض فساداً. وتتواصل الجهود التي تبذلها دولة الإمارات اليوم لصالح الشعب اليمني الشقيق استكمالاً لمسيرة الدولة المباركة في نصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين ونجدة المكلومين، وهي مسيرة ظافرة لم تأتِ من فراغ، وإنما جاءت لصالح الشعب اليمني وأمنه، في المقام الأول، ودفاعاً عن الأمن الإقليمي العربي ككل. وستكون هذه «الفزعة» حدثاً خالداً يسجل بمداد من نور في سجلات تاريخ المنطقة. وقد ضربت دولة الإمارات مثالاً يحتذى في التضحية والذود بالأنفس والمال من أجل تحقيق التنمية، وحفظ المنطقة من شر مستطير. واليمن خاصرة الجزيرة العربية وعمقها الاستراتيجي الجنوبي والتفريط فيه أو التهاون مع الأطماع الفارسية فيه، سيجعل الأمم تتكالب علينا، ويفتح على نظامنا الإقليمي من المخاطر الكثير. ولا شك بعض الدوافع الفارسية تجاه اليمن تكمن في جواره للقرن الأفريقي أيضاً، حيث تسعى طهران لأن يكون لها نفوذ واسع في أفريقيا عامة. فاليمن يمثل بالنسبة لإيران موقعاً مميزاً للوقوف على عتبات القرن الأفريقي، والتخطيط للتعامل مع تلك المنطقة، والتدخل فيها أيضاً، وصولاً إلى السيطرة على الممرات المائية الحيوية، وبالتالي فرض نفوذها على خطوط عبور مصادر الطاقة. هذا طبعاً دون إغفال أبعاد أخرى مذهبية وسكانية، إلى جانب إغراء موقع اليمن الاستراتيجي، كلها تجعل البعض في إيران يلهثون لوضع أيديهم عليه لخلخلة التوازن السكاني هناك من جهة، والإخلال بالتوازن المذهبي أيضاً لخلق طائفة مذهبية موالية لهم، من جهة أخرى، وبالتالي ضمان تبعيتها لهم، كما هي حال «الحوثي» اليوم، الذي هو مجرد مخلب قط، يتم تحريكه عن بُعد، وأحياناً عن قرب، من قبل من يحركونه من وراء الستار، ويلعب بالوكالة عنهم دور الكومبارس في محاولتهم استتباع اليمن، والعدوان على الشرعية ومصالح اليمن الوطنية. ــ ـ ــ ـ صحفي إماراتي