قبل 14 عاماً بدأت أطول حروب أميركا. وكانت المكيدة التي انتهت بمقتل 2977 شخصاً في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 قد حيكت في أفغانستان. ومنذئذ ضحى أكثر من 2350 جندياً أميركياً بأرواحهم في أفغانستان كي يساعدوا في ضمان ألا تحصد أعمال همجية أخرى أرواح أميركيين أبرياء آخرين. والآن تتوقف نتائج مثل هذه التضحيات ومستقبل أفغانستان، وأيضاً مدى التهديدات الإرهابية على أراضينا على قرارات حاسمة يتخذها الرئيس أوباما بشأن عدد الجنود الذين سيبقيهم في أفغانستان خلال عام 2016، هذا إذا ترك جنوداً هناك أصلًا. وتواجه حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية بزعامة الرئيس أشرف عبد الغني توابع هجوم باكستاني دفع بالمتشددين إلى داخل حدود أفغانستان، وعواقب صراع على السلطة ناتج عن وفاة زعيم «طالبان» الملا محمد عمر، ونمو مزعج لجماعة «داعش» الإرهابية داخل البلاد. وفي الوقت نفسه تقلصت المساعدات الدولية وتراجع عدد قوات التحالف مما كان يقترب من 100 ألف جندي في عام 2011 إلى أقل من 10 آلاف جندي الآن. ويُحتمل ألا يبقى جنود من قوات التحالف في البلاد بحلول نهاية عام 2016. وفي عام 2013، وضع الجيش الأميركي خطة لإبعاد الأميركيين عن معظم العمليات القتالية في أفغانستان، بينما يساعد في تعزيز قدرات قوات الأمن الأفغانية. وقد تجاهلت إدارة أوباما الخطة. وأغلقت معظم المواقع والقواعد وقلصت القوات إلى أقل من الحد الأدنى المطلوب لإنجاح عملية تدريب ومساعدة الجيش الأفغاني. والخطة الحالية يراد بها إنهاء أي وجود عسكري أميركي كبير في أفغانستان بحلول ديسمبر 2016 وإغلاق العدد القليل المتبقي من القواعد الأميركية في تلك البلاد، وسد الطريق على تقديم النصح والدعم للجيش الأفغاني. وتستطيع جماعة «طالبان» و«شبكة حقاني» اللتان ما زالتا تحميان «القاعدة» أن تحققا المزيد من المكاسب في أنحاء أفغانستان، ما يهدد استقرار البلاد، ويسمح بعودة الظروف السابقة على الحادي عشر من سبتمبر. وإغلاق هذه القواعد يؤدي أيضاً إلى إنهاء عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتهديدات ضد أراضي أميركا. ولكن لماذا يجب علينا أن نظل متورطين في بلد فقير بعد 14 عاماً من الحرب؟ إن أفغانستان كانت وستظل مركزاً محورياً للمنظمات الإرهابية. وكانت محور ارتكاز «القاعدة» في تخطيطها لهجمات الحادي عشر من سبتمبر وهجمات أخرى، والجماعة ما زالت تحاول إعادة بناء نفسها هناك. و«داعش» تنمو بسرعة في أفغانستان. ولا يمكننا التصدي للخطر في عقر داره إلا بالبقاء هناك بدلاً من الانتظار حتى يأتي إلى ديارنا. وهناك سبب آخر هو أن لدينا شريكاً متحمساً. فالحكومة الأفغانية تريد العمل عن كثب مع الولايات المتحدة، ولديها قوات أمنية مستعدة وقادرة على الاضطلاع بمهمة القتال. وبتقديم مساعدة مالية متواضعة، وبوجود محدود لتقديم النصح وإدارة جهود مكافحة الإرهاب، سنكون في موقع جيد للتحرك بشكل مباشر ضد الأهداف الإرهابية المحورية. وقد قطعت قوات الأمن الأفغانية خطوات واسعة، ولكنها ليست قادرة بعد على التصدي لتهديدات أمن دولية وقومية بنفسها، لأن وظائف محورية مثل جمع المعلومات الاستخباراتية والدعم الجوي ما زالت بحاجة إلى وقت لتنضج. وهناك سبب ثالث، هو المصداقية. فإذا كنا نتوقع أن تشاركنا دول أخرى في قتال الإرهابيين، يتعين علينا إثبات أننا نحن أيضاً شريك يعتمد عليه. وهذه القدرة على الاعتماد أصبحت موضع شك بعد انسحابنا السابق لأوانه من العراق، وموقفنا من سوريا، والاتفاق النووي الذي لا يقيد الأنشطة السيئة لإيران في المنطقة. والانسحاب الكامل من أفغانستان سيجعل أي بلد يشكك في الحكمة من وراء التحالف مع الولايات المتحدة. وحتى الآن نواجه خطر تكرار الخطأ في العراق الذي تنامى فيه خطر إرهابي جديد أشد ضراوة بعد انسحاب القوات الأميركية. وإذا ارتكبنا الخطأ نفسه في أفغانستان، سيتزايد الخطر على الأراضي والمصالح الأميركية والمواطنين الأميركيين حول العالم. ماك ثورنبيري رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب الأميركي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»