كان لخبر انتقال المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، إلى جوار بارئه الأعلى، الذي استيقظت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة صباح أمس الأول (السبت)، وقع الصدمة على جميع من تحتضنهم هذه الأرض الطيبة، فوفاة الفارس الشاب الذي ترجّل راحلاً عن عمر لم يتجاوز الـ 34 عاماً إثر نوبة قلبية مفاجئة، لفّت الإمارات بغيمة من الحزن العميق في وقت ما زالت فيه الدولة، قيادةً وشعباً، تتسامى على أوجاع فقدان كوكبة من شهدائنا البواسل في ميادين الحق والواجب. وداع الشيخ راشد الذي كان في أوج شبابه وألق عطائه الدافق في ميادين خدمة الوطن والإنسانية والرياضة التي يعشقها منذ نعومة أظفاره، حمل مشاعر الحزن والألم التي توشّحت بها الدولة، إلا أنه جاء ليغذي ما تتقدّ به نفوس أبناء الإمارات من عهد عاهدوا الله والوطن وقيادتنا الرشيدة عليه بأن يبقى بيتنا كما هو على الدوام، متوحداً في الضراء قبل السراء، وفي الحزن قبل الفرح. فالتفاف قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، حول أخيهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وسائر آل مكتوم الكرام، بنعي فقيدهم وفقيد الوطن وتقديم خالص العزاء والمواساة بوفاة الشيخ راشد بن محمد، وإعلان الحداد الرسمي في الدولة لمدة ثلاثة أيام، وتنكيس الأعلام على الدوائر والمؤسسات الحكومية، شكّل في ذاته ملحمة وطنية جديدة أكدت مرة أخرى أن قيادتنا الرشيدة استثنائية، وأن صدقها وتلاحمها وتعاضدها استثنائي. مشهد تشييع الشيخ راشد، رحمه الله، إلى مثواه الأخير مساء السبت، كان مهيباً، اختلط فيه حزن الفراق بفخر الانتماء إلى الوطن الواحد، واعتزاز لُحمة الأسرة الإماراتية الواحدة، مشهد تلقائي اصطفت فيه قيادتنا وشعبنا خلف جثمان الفقيد وحول والده وإخوانه الأكارم من دون أي تكلّف، لتكون الإمارات على موعد مع يوم وطني آخر يجدّد فيه الجميع العهد بأن هذا البيت سيبقى متوحداً، وتكون فيه الإمارات كما هي دوماً خير نموذج على أن بيتاً شامخاً بعزم أبنائه وروح اتحادهم لن يمضي إلا نحو مزيد من الرفعة والتفرد. منذ لحظة إعلان وفاة المرحوم الشيخ راشد إلى لحظتنا هذه، تداعت الإمارات من أقصاها إلى أقصاها لهذا المصاب الجلل، وتهافت أبناء الوطن إلى تقديم واجب العزاء والمواساة إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مسطرين لوحة تلاحمية فريدة بين القيادة والشعب، يُعرب فيها المواطنون بكل حب وصدق وعفوية عن بالغ حزنهم لحزن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كيف لا وهو الذي لم يكف منذ سقوط كوكبة شهدائنا الأبطال لدى أدائهم الواجب المقدس في معركة تحرير اليمن عن مواساة أسر شهداء الوطن، وحرص كل الحرص على أن يجوب إمارات الدولة ومناطقها لزيارة ذوي الشهداء، معزياً ومواسياً ومتفقداً لأحوالهم واحتياجاتهم، ولم يتوقف سموه عن ترديد العبارة ذاتها في منزل كل شهيد «أبناؤكم أبناؤنا». واليوم وبعد وفاة الشيخ راشد، يخاطب شعب الإمارات سموه قائلين «كلنا أبناؤك يا بو راشد، كلنا راشد»، ليبرهنوا للعالم المرة تلو المرة أنهم خير مَنْ صان إرث المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من قيم ومبادئ وأخلاق سامية، أنشأ بها ولها دولة الإمارات العربية المتحدة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية