تأتي أحداث المسجد الأقصى في فلسطين والاعتداءات الإسرائيلية الحالية عليه، والوضع العربي في أسوأ أحواله، فالعرب الذين رفعوا راية تحرير فلسطين وإعادة الحقوق الفلسطينية المسلوبة وشكلوا لجاناً للدفاع عن المسجد الأقصى.. نجدهم اليوم غير قادرين على فعل أي شيء سوى إصدار بيان إدانة سيناقشه مجلس الأمن حول الاعتداءات على المسجد الأقصى ومحيطه. العرب اليوم غير قادرين على حماية بلدانهم داخلياً من المؤامرات الإرهابية والحروب الطائفية التي فرقت بلدانهم. رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن أنه سيسرّع في سن قوانين صارمة تتعلق بإصدار أحكام بالسجن الإداري وهدم المنازل وفرض غرامات على عائلات رماة الحجارة والمولوتوف والألعاب النارية من الفلسطينيين. وقد أقدم الجيش الإسرائيلي على إخراج الفلسطينيين الذين يطلقون على أنفسهم «المرابطون» من داخل المسجد الأقصى، بعد ثلاثة أيام من المناوشات. عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى صرح بأن هدوءاً حذراً يسود الحرم القدسي، وأن حارسين اثنين من حراس المسجد تعرضا للضرب المبرح من قبل الجيش الإسرائيلي. لا غرابة في كل ما يحدث في المسجد الأقصى، فالشعب الفلسطيني يتعرض لأبشع احتلال عنصري شهدته البشرية، والمحتل الإسرائيلي قد أقدم على بناء جدار لعزل الفلسطينيين وتعكير حياتهم. فمدينة القدس المحتلة تم تمزيقها وتم عزل ثلث سكانها الذين يقدر عددهم بنحو 120 ألف نسمة. دولة الاحتلال تتحكم بكل مناحي الحياة في جميع مناطق فلسطين المحتلة؛ فالمواطن الفلسطيني لا يحق له استهلاك 50 متراً مكعباً من المياه سنوياً، بينما يحصل المستوطنون الصهاينة على أكثر من 2.400 مليون متر مكعب سنوياً. المتعصبون الصهاينة الذين داهموا المسجد الأقصى للصلاة فيه، يشنون هجمات مرتبة على بيوت وقرى وممتلكات الناس الآمنين من الفلسطينيين والقيام بحرق البيوت ومن فيها من بشر، وقد تم حرق عائلة كاملة مسالمة في بيتها قبل حوالي الشهرين ودون أن تتحرك ضمائر العالم الحر. والسؤال هو: لماذا يلجأ الإسرائيليون للاعتداء على دور العبادة اليوم؟ وما الهدف من ذلك؟ واضح أن الهدف الأساسي من عملية اقتحام المسجد الأقصى هو إفراغ عملية «السلام» من مضمونها، وإطالة عملية التفاوض وإيهام العالم بأنهم أناس مسالمون، حتى يتسنى لهم إفراغ القدس والضفة الغربية من سكانها.. كل ذلك يحدث والعرب والمسلمون لا يزالون يهرولون إلى الأمم المتحدة لإصدار قرار جديد يدين إسرائيل، ويجعلها تتراجع عن توسعها الاستيطاني البشع! يبدو أننا كعرب فقدنا الأمل في الدفاع عن قضيتنا الأولى -وهي قضية فلسطين- لأن ما تشهده بلداننا من جرائم وقتل وتشريد وتهجير.. تفوق أحياناً بشاعات العدو الصهيوني وجرائمه. ------------------ *أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت