تمتلك إيران حالياً ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية التي يصل مدى البعض منها إلى ما بين ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف كيلومتر، في حين أن الأقل مدى منها يصل مداه إلى ثلاثمائة كيلومتر.. وتشير العديد من المصادر إلى أن بعض الصواريخ التي تم الحصول عليها من كوريا الشمالية قادرة على حمل رؤوس نووية. وبحصول إيران مؤخراً على الصواريخ الروسية S-300 تكون المنظومة العشوائية التي لا حاجة حقيقية لإيران إليها قد اكتملت، والغريب في الأمر هو أن الاتفاق الأخير الخاص بالملف النووي الإيراني لم يتطرق مطلقاً إلى موضوع الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، مما يزيد إلى عيوب الاتفاق ونواقصه بعداً آخر هو من الأهمية القصوى بمكان لدول الغرب ودول مجلس التعاون الخليجي ودول الجوار الجغرافي الإيراني الأخرى بما في ذلك إسرائيل وتركيا وباكستان وربما الهند مستقبلاً مثلما هو مهم الملف النووي الإيراني ذاته. الترسانة الصاروخية الباليستية الإيرانية الحالية تعكس الطبيعة العشوائية، أو حتى الفوضوية التي تمت بها حيازة الأسلحة الفتاكة من قبل النظام الإيراني الحالي، مما يزيد من الخطورة الجسيمة لامتلاك إيران هذا الكم الهائل من الصواريخ الباليستية ذات المدى المتعدد، بنعراته متعمقة لتاريخ إيران الحربي الحديث يتضح مدى الفائدة التي حققتها الصواريخ الباليستية في حرب إيران ضد العراق في عقد ثمانينات القرن العشرين، فتأثير تلك الصواريخ كان عميقاً من الناحية السيكولوجية على نظام حزب «البعث» في العراق، ما أدى إلى قبوله بشروط وقف إطلاق النار في نهاية المطاف، بعد أن أشعرته الضربات الصاروخية بإمكانية خسارة الحرب. ويبدو بأن المؤسسات العسكرية الإيرانية خرجت بدروس مفيدة من تجربة استخدام الصواريخ الباليستية، في معاركها في تلك الفترة ما جعلها تعطي دوراً دائماً لتلك الصواريخ في خطط بناء وتحديث قدراتها القتالية، وتفتح الأبواب على علاقات خارجية جديدة مع الصين وكوريا الشمالية لتزويدها بالصواريخ وبالتكنولوجيا الخاصة بتصنيعها وتطويرها، وتشجع البرامج الخاصة بأسلحة الدمار الشامل، التي يمكن لتلك الصواريخ حملها إلى أهدافها، وربما خلقت لديها تأثيراً نفسياً على استراتيجيتها العسكرية لاستيعاب أدوار أكبر للقوة الصاروخية وأسلحة الدمار الشامل، ويبدو الأمر، وكأن إيران وجدت لنفسها بديلاً ناجعاً في الصواريخ الباليستية بسبب وجود نقص حاد في الطائرات المقاتلة لديها، ولأن النظام الحاكم لا يثق بسلاح الجو المتخصص، ولوجود حظر دولي طويل الأمد على بيع الطائرات المقاتلة لها، وفي هذه المرحلة توفر الصواريخ الباليستية لإيران وسيلة لتنفيذ مهمات عسكرية بعيدة المدى دون أن يكون لديها طيارين مقاتلين محترفين أو أطقم صيانة متخصصة، والتي هي الآن نادرة بشكل حاد من جانب ولا تحظى بثقة النظام السياسية من جانب آخر، وهذا يفسر حصر استخدام الصواريخ من قبل الحرس الثوري الإيراني، وليس من قبل القوات المسلحة النظامية. لذلك فإن إيران وصلت إلى مرحلة متقدمة جداً في مجال حيازة الصواريخ الباليستية وتطويرها، ولديها نزعات وتطلعات عدائية تجاه العالم الخارجي تستوجب وجود تعاون دولي على المستوى العالمي للحد من برامجها الصاروخية أو حتى إيقافها إذا ثبت بأن استخدامها يقع ضمن الترسانة النووية المنشودة، وبهذا الصدد تشير العديد من التجارب العالمية بأن كلفة إنتاج وتطوير الصواريخ في الأقطار المتخلفة، ذات البنى الصناعية المتواضعة، أو ذات النقص الحاد في الموارد، يمكن الحد منه من قبل الموردين للصواريخ والتكنولوجيا الخاصة بها، ولأن القوى الصناعية الكبرى تفصح عن مصلحة مباشرة لاحتواء إيران عسكرياً والحد من قدراتها في هذا المجال، ما عدا الصين وكوريا الشمالية، فإن تشكيل تحالفاً دولياً يمكن أن يكون فعالاً للحد من قدرات إيران الصاروخية وتطلعاتها العدائية تجاه العالم الخارجي، خاصة محيطها الجغرافي القريب.