أدرك قادة دول مجلس التعاون الخليجي المخطط الذي يجري في اليمن والذي يستهدف أمن المنطقة ويشير إلى وجود مشروع إيراني للتدخل في شؤونها، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة عندما قال: «نحن في دول مجلس التعاون في مواجهة مع إيران وأهم المواجهات تتم في اليمن مع عملاء إيران من الحوثيين». لذلك خيراً فعلت دول الخليج عندما سارعت لإجهاض هذا المخطط الخطير عبر «عاصفة الحزم» قبل أن يمتد خطره إلى دول الخليج العربي. والمعروف أن النظام الإيراني لديه مشروع لتصدير الاضطرابات والفوضى إلى دول الجوار تحت مسمى «تصدير الثورة»، حيث أعطى الدستور الإيراني للحكومة «حق» التدخل في شؤون الدول المجاورة وفق المعتقد الذي تقوم عليه ثورة الخميني. وما نشهده في العراق وسوريا ولبنان واليمن، من إذكاء للحروب الأهلية والصراعات الطائفية والعرقية، هو جزء من خطط وخرائط يجري الإعداد لها خارجياً منذ عقود، لتقسيم وتفتيت المنطقة العربية، وقد نُشر بعضها وما زال أغلبها في خزائن سرية. والملاحظة في هذا الخصوص أن تلك المخططات التي أخذت تتحرك بقوة في المنطقة يتم تنفيذها بأيدي أطراف إقليمية (إسرائيل وإيران) بغية نهب الدول والشعوب. وفي سبيل ذلك عقدت إيران «صفقة سرية» مع الولايات المتحدة الأميركية، يتم من خلالها تبادل النفوذ والمصالح في المنطقة. وقد قدّمت إيران العديد من المساعدات للجانب الأميركي في حروبه في المنطقة. وقد حدد ملامح هذه الصفقة محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، عندما قال في ختام أعمال «مؤتمر الخليج العربي وتحديات المستقبل»، والذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية في 15 يناير 2004: «قدمنا الكثير من العون للأميركيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق، ولولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة». لقد أدركت إيران أن أميركا تملك الكثير من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط، فقدمت لها بعض التنازلات السياسية. وقد شملت هذه التنازلات - حسب المؤرخ الأميركي غارتر يورتر، الاعتراف بإسرائيل، والتنازل عن المشروع النووي، ووقف الدعم لـ «حزب الله»، والاستعداد لمحاربة «القاعدة»، مقابل الوصاية على الخليج العربي لإيران. ولتحويل إيران إلى لاعب مركزي في المنطقة، ضخمت الولايات المتحدة - حسب البروفيسور الإسرائيلي «أفرايم عنبار»، مدير مركز بيجن السادات للدراسات الإستراتيجية - من تهديدات تنظيم «داعش»، لإضفاء الشرعية على الدور الإيراني في الشرق الأوسط.. والشواهد على ذلك كثيرة: 1- تدخلات إيران السافرة في شؤون الدول الخليجية، وآخرها المخطط الذي تورطت فيه السفارة الإيرانية في الكويت، وضمنه حيازة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات وتخزينها بهدف تهديد أمن واستقرار الكويت، فيما يعرف بـ«خلية العبدلي»، وكذلك إحباط الأجهزة الأمنية البحرينية عملية تهريب لمواد متفجرة وأسلحة وذخائر مصدرها إيران. 2- ما تحدث عنه وزير الخارجية اليمني رياض ياسين لصحيفة «الشرق الأوسط» (7-9-2015) عندما قال: «إن السفارة الإيرانية في صنعاء قدمت الدعم المالي والاستخباراتي والاستشارات العسكرية والعتاد الحربي لميليشيات الحوثي وأتباع المخلوع علي عبد الله صالح، وأصبحت مركزاً لإدارة العمليات الحربي والاستخباراتية». 3- تصريحات المسؤولين الإيرانيين التحريضية والاستفزازية، وآخرها ما قاله ممثل المرشد الإيراني، علي سعيدي، من أن البحرين والعراق وسوريا واليمن ولبنان وغزة، عمق إيران الإستراتيجي وضامن استمرار حياتها. هذه السياسة وذلك السلوك هما ترجمة فعلية وعملية لما تم من اتفاقات سرية بين الولايات المتحدة وإيران.