شهدت مدينة أبوظبي يوم الثلاثاء الماضي، حفل الإشهار والإطلاق الرسمي لجمعية رعاية مرضى السرطان في دولة الإمارات العربية المتحدة «رحمة»، والتي يترأس مجلس إدارتها سعادة الدكتور جمال سند السويدي، وتستهدف توفير الرعاية لمرضى السرطان، وتقديم الدعم النفسي والمادي لهم، وبيان طرق التعايش مع المرض، وبث الأمل لدى المرضى وذويهم. وهي الأهداف التي ستسعى الجمعية لتحقيقها من خلال ضمان وجود وسائل وقاية فعالة ومتابعة لرعاية المرضى، وتفعيل المحور التوعوي المتعلق بمرض السرطان، والتثقيف الصحي للمجتمع، وتعريفه بالأنواع المختلفة من السرطانات، والعوامل المسببة لها، وكيفية الوقاية أو الحد من الإصابة بها، وطرق التعايش مع الصعوبات التي يواجهها المرضى أثناء فترة العلاج. ويأتي إطلاق هذه الجمعية في الوقت الذي تحتل فيه الأمراض السرطانية مرتبة متقدمة على قائمة أسباب الوفيات بين أفراد الجنس البشري، حيث يصاب 14 مليون شخص سنوياً بنوع أو آخر من أنواع الأمراض السرطانية -وهي عديدة- ليلقى 8.2 مليون منهم حتفهم بسبب مرضهم، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية عام 2012، كما يقدر أن خلال العقدين القادمين ستزداد معدلات الإصابة بالسرطان حول العالم بحوالي 70 في المئة، لتصل إلى 22 مليون حالة إصابة جديدة سنويا. ورغم تعدد وتشابك عوامل الخطر التي تزيد من احتمالات الإصابة بالأمراض السرطانية؛ مثل التقدم في العمر، والخلفية أو التركيبة الوراثية، والتعرض للإشعاع، وغيرها من العوامل، إلا أن ثلث الوفيات الناتجة عن الأمراض السرطانية يرد إلى خمسة فقط منها، تعرف بعوامل الخطر السلوكية والغذائية؛ وهي: زيادة الوزن والسمنة، أو ما يعرف بارتفاع مؤشر كتلة الجسد، وانخفاض نسبة الخضروات والفواكه في المحتوى الغذائي اليومي، وعدم ممارسة الرياضة والنشاط البدني، والتدخين والأشكال الأخرى لاستخدام منتجات التبغ، وشرب الكحوليات. ومن بين هذه العوامل الخمس، يحتل التدخين أهمية خاصة، حيث يعتبر التدخين وحده مسؤولا عن 20 في المئة، أو واحد من كل خمسة من جميع الوفيات الناتجة عن الأمراض السرطانية، وعن 70 في المئة من جميع الوفيات الناتجة عن سرطان الرئة. كما ترتبط العدوى ببعض أنواع الفيروسات، بزيادة احتمالات الإصابة بأنواع محددة من السرطان، مثل فيروسي التهاب الكبد (بي و سي) وسرطان الكبد، وفيروس الثآليل الجنسية وسرطان عنق الرحم في النساء. ويقدر حالياً أن الأمراض السرطانية، الناتجة عن عدوى فيروسية، تعتبر مسؤولة عن 20 في المئة من الوفيات بسبب السرطان، وخصوصاً في الدول الفقيرة والدول متوسطة الدخل. ومؤخراً زاد الإدراك بأهمية العلاقة بين الأمراض السرطانية والتركيبة الجينية أو العوامل الوراثية، وخصوصاً على صعيد درجة شراسة المرض وسرعة انتشاره. ولذا قد يصبح من الممكن يوما ما، استخدام نتائج الفحوص الوراثية، وجمعها مع الفحوص الروتينية المستخدمة حالياً، للتعرف على الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسرطان مستقبلًا، ومن ثم اتخاذ إجراءات الوقاية، أو تفعيل التدخل الطبي بشكل مبكر. ومؤخراً أيضاً، تطور مفهوم علاج مرضى السرطان باستخدام الأساليب التقليدية، مثل الجراحة، أو العلاج الكيميائي، أو العلاج الإشعاعي، إلى مفهوم أوسع يشمل إدارة المرض (Disease Management) بوجه عام. وهو المفهوم الذي يتضمن -بخلاف أساليب علاج ومكافحة المرض التقليدية- توفير الدعم النفسي، والمادي، والاجتماعي، والمهني لمرضى السرطان، وهي الأهداف التي تسعى جمعية «رحمة» لرعاية مرضى السرطان التي أسست مؤخرا في أبوظبي لتحقيقها. فالمعروف والثابت أن قوة وفعالية جهاز المناعة، تلعب دوراً مهماً في مساعدة الجسم في التخلص من الخلايا السرطانية، والمعروف والثابت أيضا أن الحالة النفسية تؤثر سلباً أو إيجابا على قوة وفعالية جهاز المناعة، ولذا يعتبر الدعم النفسي، وبقية أنواع الدعم التي توفرها الجمعيات الخيرية، مثل جمعية «رحمة»، جزء متمم ومكمل لإدارة المرض، لما تتركه من أثر إيجابي على الحالة النفسية، والتي ستحفز بدورها جهاز المناعة، ليضطلع بمهمته في محاربة الخلايا السرطانية بشكل أكثر كفاءة وفعالية. وجدير بالذكر أن جمعية «رحمة» ستطلق موقع إلكتروني تفاعلي على شبكة الإنترنت، بحيث يمكن لأعضائها والمصابين بالمرض التواصل من خلاله، سواء بالتبرع أو التطوع أو إضافة معلومات أو سرد قصص الكفاح مع المرض، أو من خلال إنشاء مجموعات خاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كما ستوفر تطبيق ذكي يتعلق بأنشطتها وأهدافها يمكن تنزيله على جهاز الهاتف الذكي بالمجان، وستعمل أيضاً على حشد موارد المجتمع البشرية من خلال فتح باب التطوع والانضمام إليها، وإصدار مجلة دورية للتعريف بالمرض وطرق علاجه والوقاية منه. وبالإضافة إلى ذلك، ستقوم الجمعية بتنفيذ حملات إعلامية بهدف تثقيف المجتمع وتوعيته بأخطار المرض والتعريف بأهمية الكشف المبكر، وستعمل كذلك على تفعيل شبكة للتواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع والمصابين وأخرى بين المصابين ومن تماثلوا للشفاء، وستوفر أيضاً جلسات العلاج الجماعي للمصابين لتوفير الدعم النفسي والمعنوي، كما ستحشد الموارد المالية بجمع التبرعات ورعاية وإقامة فعاليات فنية ورياضية، وربطها بالتوعية بالمرض.