عندما أجريت مقابلة مع رئيسة تشيلي «ميشال باشيلي» في مطلع هذا الأسبوع، كانت هناك أنباء عن أنها كانت مريضة ومصابة باكتئاب بسبب نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت أن 75% من شعب تشيلي لا يوافقون على رئاستها. لكن لو كان هذا صحيحاً لما ظهرت، وأثناء المقابلة بالقصر الرئاسي، ذكرت الرئيسة التي بدا عليها الهدوء والثقة، أن تشيلي تعاني من مناخ دولي سلبي نتيجة للتباطؤ الاقتصادي في الصين، ووفقا لتقديراتها، فإن النمو الاقتصادي في البلاد سيتراجع من 5% سنوياً إلى 2.3% هذا العام. ومما يزيد الأمور سوءا فضائح الفساد السياسي الأخيرة، ومنها صفقة شراء الأراضي التي قام بها ابنها مؤخراً، وارتفاع معدلات الجريمة والتي قلصت الثقة في السياسيين والمؤسسات العامة. غير أن «باشيلي» رفضت المزاعم القائلة بأن قدراً كبيراً من اللوم يقع على حكومتها اليسارية. فمنتقدوها يقولون إن الإصلاحات التي قدمتها في قطاعات التعليم والمالية والعمالة، تدمر السياسات الاقتصادية المؤيدة لقطاع الأعمال والتي أحدثت نمواً وخفضت معدلات الفقر في السنوات الأخيرة. ومن جانبه، ذكر «سباستيان بينيرا»، الرئيس السابق وزعيم المعارضة في تشيلي، أنه «حتى وقت قريب كان الأجانب يسألوننا: كيف تمكنت تشيلي من تحسين الأداء بهذه الصورة وبهذه السرعة؟ واليوم يسألوننا: ماذا حدث لتشيلي كي تتخلى عما أحرزته خلال العقود الثلاثة الماضية؟». لكن الرئيسة «باشيلي» قالت لي إن مثل هذه الآراء المتشائمة مبالغ فيها، فأي زائر للبلاد يتحدث إلى دوائر الأعمال أو يطلع على وسائل الإعلام الرئيسية، قد يتكون لديه انطباع بأن الدولة تمر بأزمة عميقة، «لكن إذا ذهبت إلى أماكن أخرى في البلاد، فالحالة المزاجية مختلفة تماماً». وقالت: صحيح أن النمو قد تراجع، لكن العديد من سكان تشيلي الذين يعانون من الفقر سيحصلون على التعليم مجاناً، علاوة على استفادتهم من الإصلاحات الاجتماعية الأخرى، واستطردت: «إننا نميل لرؤية نصف الكوب الفارغ بدلا من رؤية النصف الملآن». وقد ذكّرت الرئيسة بأن وزير شؤون الرئاسة في إدارتها «نيكولاس إيزاجوريري»، والذي يعد أقوى عضو في الحكومة، اعترف لصحيفة «آل ميركوريو» مؤخراً بأن الطريقة التي أدارت بها الحكومة الإصلاحات «لم تكن جيدة»، وأضاف: «كنا منغمسين في وابل من الإصلاحات لم نكن قادرين على تصميمه بشكل مناسب، أو تنفيذه سياسيا دون إثارة صراعات كثيرة». ورداً على سؤال ما إذا كانت تؤيد تصريحات وزيرها، بدت «باشيلي» في أول الأمر وكأنها تقلل من أهميتها، قائلة إن «إيزاجوريري» هو المسؤول عن تمرير إصلاحات الحكومة من خلال الكونجرس، وكان يشير في المقام الأول إلى حقيقة أنه كان هناك الكثير من الإصلاحات الجريئة التي يتم الدفع بها في وقت واحد. ثم أضافت أن وزيرها قد ردد أيضاً قراراً سابقاً لائتلافها اليساري بـ«إعادة التفكير» في أجندة الإصلاحات و«تحديد الأولويات» على ضوء تدهور الأوضاع الدولية. وفي رأيي أن تشيلي، مقارنة بالدول المجاورة لها، تؤدي أداء معقولا، وبينما يتوقع أن تشهد نموا بنسبة 2.4% هذا العام، فإن اقتصاد البرازيل قد يشهد نمواً سلبياً بنسبة -1.8%، وكذلك اقتصاد فنزويلا بنسبة -7%. بيد أن «باشيلي» استغرقت وقتاً طويلا لتقتنع بضرورة «إعادة التفكير» في وتيرة الإصلاحات، على ضوء المناخ الاقتصادي العالمي المتدهور، وربما تأخرت في إدراك أنه من دون تحقيق النمو الاقتصادي فلن تستطيع تشيلي القضاء على الفقر. أندريس أوبنهايمر محلل سياسي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»