الميزة التي تميز نائب الرئيس الأميركي "جو بايدن" كسياسي هي صدقه. صدق يتسبب له أحياناً في بعض المتاعب؛ ويجعله، أحياناً أخرى، يبدو أقرب إلى شخص حقيقي، يمكن للمرء أن يتمنى رؤيته في عالم السياسة. ومشاركة "بايدن" مساء الخميس في برنامج «ذا لايت شو» التلفزيوني الذي يقدمه "ستيفن كولبرت"، كانت واحدة من تلك اللحظات. "كولبرت" حرص عموماً على تجنب إضحاك الجمهور، وطلب من "بايدن" أن يتحدث عن وفاة ابنه «بو»، ومقاربته لقرار الترشح للانتخابات الرئاسية في 2016 من عدمه. فكان "بايدن" صريحاً بشكل مذهل ولم يستطع مواصلة الكلام بسبب تأثره مرات عدة خلال المقابلة. وفي معرض حديثه عن كيفية تعامله مع فقدان ابنه، قال بايدن: «على المرء أن ينهض بعد الكبوة. وأشعر أنني سأخذل "بو"، وسأخذل والدي، وسأخذل عائلتي إن لم أنهض من جديد». ولدى حديثه عن أفكاره بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية، قدم "بايدن" من جديد وجهة نظر صريحة إذ قال لـ"كولبرت": «سأكون كاذباً إذا قلت إنني أعرف أنني وصلت»، مضيفاً «إنني صادق تماماً. وأعتقد أن لا أحد لديه الحق في السعي للوصول إلى ذلك المنصب إلا إذا كان مستعداً ليمنحه كامل جهده ووقته». جو بايدن الذي ظهر إلى جانب كولبرت مساء الخميس هو الشخص الذي حصل على قدر مذهل من الولاء والإخلاص – على مدى عقود – من مجموعة متماسكة من الموظفين الذين سيشكلون نواة فريق حملته الرئاسية إن هو قرر الترشح في 2016. إنه الرجل الذي كان أحد المرشحين الأوفر حظاً، في لحظة من اللحظات في 1987، للفوز بترشيح الحزب "الديمقراطي"، وهو أيضاً الرجل الذي اختاره باراك أوباما نائباً للرئيس في 2008. كما أنه شخص سيُشكل تبايناً كبيراً مع هيلاري كلينتون في الحملة الانتخابية؛ ذلك أنه بينما تكافح كلينتون للتخلص من صورة المرشحة غير الصادقة وغير الجديرة بالثقة، فإن بايدن كله صدق. وإذا كانت كلينتون حذرة ولا يمكن للمرء أن يتكهن بما يجول في ذهنها، فإن بايدن تلقائي ويبدو مثل كتاب مفتوح. ولكن درس انتخابات 2016 حتى الآن هو أن الناخبين يبحثون عن الأصالة، فهم يريدون أشخاصاً صرحاء وصادقين معهم حتى وإن كانوا لن يحبوا ما سيقال لهم. والواقع أن هذا الشعور هو السبب الرئيس في صعود دونالد ترامب مؤخراً. محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»