أزمة اللاجئين: مواقف أولاند قوية.. وميركل فخر أوروبا حسن ولد المختار ليبراسيون في افتتاحية لصحيفة ليبراسيون بعنوان «خطوة أولى»، ناقش الكاتب لوران جوفرين بعض أبعاد وخلفيات الموقف الإيجابي الذي يبديه الرئيس فرانسوا أولاند تجاه اللاجئين، الذين يشكل تدفقهم الآن على أبواب أوروبا أزمة جارفة، تتسبب في الكثير من السجال السياسي، والاحتقان اليميني، في فرنسا وغيرها من دول القارة العجوز. وقال الكاتب إن الرئيس أولاند ما فتئ يستخدم عبارات قوية ومؤثرة ودالة على الإرادة والتصميم، ولكن هل التدابير العملية المتخذة في استقبال هؤلاء اللاجئين تبدو في المستوى نفسه؟ لقد قال أولاند إن إعطاء حق اللجوء لمن هم في أمسّ الحاجة إليه، هو جزء أصيل من روح فرنسا ورسالتها الإنسانية والأخلاقية، ومن ثمّ فإن ما تتخذه من مواقف في هذا الصدد هو استجابة لواجبها الأخلاقي. ولكن الكاتب يرى أن الحكومة بدلاً من الحديث عن «الخطأ الأخلاقي» بتوزيع اللاجئين في أوروبا، ربما كان عليها أن تتمسك بكلمتها، وتُتبع الأقوال بالأفعال، إلى النهاية. ولكن هذا لا يقلل أيضاً من معنى وقيمة تصريحات أولاند الاحتفائية، وهي تصريحات يبدو فيها متسقاً تماماً مع خط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي بذلت جهوداً ملفتة لإقناع شعبها وأوروبا بإظهار أكبر قدر ممكن من الالتزام الأخلاقي والإنساني تجاه البؤساء اللاجئين إلى أوروبا من جحيم الحروب والصراعات والمصائب في الشرق والجنوب. وفي هذا السياق أكد الكاتب أن فرنسا وألمانيا تتقاسمان الدفاع عن فكرة لأوروبا ليس باعتبارها مجرد اتحاد اقتصادي، وإنما بصفتها أيضاً آلية عمل سياسي وأخلاقي، ترمي إلى دعم السلام واحترام القيم الكبرى المؤسِّسة. ومن هنا تستحق مواقف أولاند تجاه أزمة الهجرة كل تقدير وإشادة، وذلك لأنها تقف بقوة في وجه كل من يسعون في فرنسا لتغيير هويتها، وتحويلها إلى أمة صغيرة عرقية منغلقة، لا تثق في نفسها وتخاف من المستقبل، وتحلم بالعودة للانكفاء على ذاتها داخل حدودها الوطنية، أو حتى وضع أسيجة من الأسلاك الشائكة على هذه الحدود، كما عمدت إلى ذلك المجر. وكان الرئيس أولاند قد أعلن عن استعداد فرنسا لاستقبال 24 ألفاً من اللاجئين خلال عامين، وهو عدد أكبر بكثير من بضع آلاف فقط هي ما كان يجري الحديث عنه من قبل. وهذه مبادرة إيجابية جيدة. كما أكد أيضاً، في الوقت نفسه، أن البلاد ستتلقى هذا العام 60 ألف طلب لجوء (مقابل 800 ألف في ألمانيا). وحجم الفارق بين العدد الراغب في المجيء إلى فرنسا والعدد الذي تم الإعلان عن قبوله يبدو كبيراً، وهو ما يعطي فكرة أولية عن حجم التحديات المستقبلية فيما يتعلق بأزمة اللاجئين. ولكن هذا الموقف الفرنسي الأخير يبقى، على كل حال، خطوة أولى في الطريق الصحيح. وإن كانت المسألة ما زالت في بدايتها فقط، وستحتاج إلى مزيد من القدرة على التفسير والإقناع، للرأي العام الفرنسي. لوموند نشرت صحيفة لوموند افتتاحية بعنوان: «أنجيلا ميركل، فخر أوروبا»، قالت فيها إن الحديث الآن عن أحقية المستشارة الألمانية في نيل جائزة نوبل للسلام، يبدو حديثاً في محله، ففي مواجهة أزمة الهجرة التي تكابد تداعياتها القارة الأوروبية الآن بدت ميركل في أفضل حالاتها السياسية، وأثبتت بمواقفها أنها في مستوى التحدي، وأن في جعبتها الكثير مما تستطيع تقديمه لإنقاذ وجه أوروبا. وبعد ما تعرضت له من انتقاد خلال أطوار الأزمة النقدية اليونانية، حيث اتهمت بعدم إبداء القدر الكافي من التضامن والصرامة الزائدة، تعاملت مع أزمة تدفق مئات آلاف المهاجرين، خلال هذا الصيف، بقدر كبير من إظهار النزعة الأخلاقية، ورسوخ القناعة والدفاع عن قيم أوروبا، وكذلك القدرة على اتخاذ تدابير عملية كفيلة باحتواء هذا التحدي الإنساني. وقد حققت في كل هذا ضربة علاقات عامة، غير عادية. ولاشك أن وفاء ميركل للقيم أولاً، ونشأتها وراء الجدار الحديدي في ألمانيا الشرقية السابقة، هما ما يزيد حساسيتها الخاصة تجاه معاناة لاجئي الحروب والصراعات. ويدعمها في ذلك مواطنوها الذين جرّبوا هم أيضاً ذات يوم النزوح بالملايين من الكتلة السوفييتية السابقة، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، والذين دأبوا على استقبال الفارّين من المعسكر الشرقي طيلة الحرب الباردة، وكذلك ضحايا حروب يوغوسلافيا السابقة. لوفيغارو تحت عنوان: «كاتالونيا: دولة جديدة؟» نشرت صحيفة لوفيغارو تحليلاً سياسياً حول تنامي النزعات الانفصالية- الاستقلالية في إقليم كاتالونيا الإسباني، مبرزة في هذا السياق أن الاحتفال بعيد الإقليم القومي في الحادي عشر من سبتمبر، المسمى محلياً «الديادا» -وهو تخليد لذكرى سقوط برشلونة سنة 1714 في أيدي قوات فليبب الخامس- شهد هذا العام قدراً من الزخم ملفتاً بشكل خاص، وقد تعزز موقف دعاة الاستقلال، بعد الاستفتاء الرمزي الذي أجري حوله في الإقليم العام الماضي، إثر رفض المحكمة العليا الإسبانية إجراءه بصفة رسمية. ويكتسي إقليم كاتالونيا أهمية كبيرة في النسيج السكاني والاقتصادي الإسباني، وذلك لأن عدد سكانه يمثلون 15% من سكان البلاد، ودخله يمثل 20% من الدخل الوطني العام. ومن هنا فإن تنامي الدعوات للانفصال- الاستقلال، يشكل تحدياً سياسياً لمدريد، وخاصة أن ثمة انتخابات مقررة في 27 من شهر سبتمبر الجاري، ينظر إليها على نطاق واسع، على أنها بمثابة استفتاء على استقلال كاتالونيا. ومن المعروف أن التظاهرات الاستقلالية هناك شهدت خلال السنوات الأخيرة كثافة غير مسبوقة، وفي العام الماضي صوت في الاستفتاء الرمزي 80% لمصلحة الاستقلال، (من بين مليوني صوت انتخابي). وفي العام الجاري أيضاً على رغم الاختلاف السياسي بين رئيس الإقليم المعتدل «أرتور ماس» واليسار الجمهوري الكاتالاني، إلا أن هذا لم يمنع الطرفين من توحيد صفوفهما للفوز في الانتخابات البرلمانية الإقليمية، حتى لو تكشفت عن أغلبية استقلالية. وعلى العموم، لو استمر هذا المد يكون السؤال عن احتمال ظهور دولة أوروبية أخرى جديدة، سؤالاً وارداً، بهذه الكيفية، وأيضاً بحكم منطق الأمر الواقع. إعداد: حسن ولد المختار