تجري حالياً حرب عالمية بالوكالة، يدفع ثمنها السوريون في أفظع كارثة بعد الحرب العالمية الثانية، مع تصدع كامل الدولة السورية حسب الشاعر «أدونيس» فإن ثلث الشعب السوري هاجر، وهو ليس بشعب سوري ثوري ذلك الذي يترك بلده! هاجر أو هُجّر! والفرق عند شاعر الحداثة حرف! وفي نهاية أغسطس من عام 2015 مع نزوح جموع «الدياسبورا» السورية هائمين على وجوههم في غابات المجر ومستنقعات الصرب وبعوضها، وإعلان رئيس وزراء المجر البراءة منها ثلاثاً إحداها بالأسلاك الشائكة، واستعداد بلجيكا لاستقبال المسيحيين فقط منهم، ارتّجت أوروبا لإعلان وسائل الإعلام عن اختناق سبعين إنساناً سورياً منهم أطفال بعمر الورد في شاحنة بهائم، ماتوا متعانقين في ظلمات الشاحنة وبردها. ماتوا في قلب أوروبا التنوير والعقلانية! فكانوا جسر عبور للهاربين من جحيم البراميلي بشار الأسد، حين أعلنت ميركل استعدادها لاستقبال 800 ألف من الشاردين الهاربين. لقد صدق البراميلي (بشار) في اثنتين، وكذب في كل شيء، كما وصفه الإبراهيمي حين سألته مجلة «در شبيجل» الألمانية هل يعلم بما يجري؟ أجاب: يعلم الكثير الكثير: صدق في «الأسد أو نحرق البلد».وصدق في جملة «ستكون حرباً عالمية هنا».وهي حالياً حرب عالمية بالوكالة، يدفع ثمنها السوريون في أفظع كارثة بعد الحرب العالمية الثانية، فانهمر الدم مدراراً، مع تصدع كامل الدولة السورية، مترافقاً مع تدمير أكثر من مليون منزل وآلاف المدارس والمآذن. ولكن هل نحن إزاء خطة أكبر مما نتصور، عن تفريغ سوريا وتغييرها ديموغرافياً، كما فعل بنو صهيون في فلسطين والصرب في البوسنة، ويُفعل في الزبداني حالياً. أذكر من مجلة الشيفرة Code نادرة التوزيع، التي تصدر في سويسرا باللغة الألمانية، أن الصهاينة والنازيين كانوا يتعاونون في إرعاب اليهود للهرب إلى فلسطين. ونحن حالياً أمام تحول كوني، يعلو فيه بنو صهيون والفرس علواً عظيماً، وسيكون مصير الشرق الأوسط بين هاتين القوتين. وعلينا ألا نستخف بالإيرانيين فهم قوم يجيدون حياكة السجادات والمؤامرات. طبعاً في قضايا انتهت في التاريخ. يبدو كما قال المفكر السوري صادق جلال العظم أننا سنمر في هذه المخاضة من الجنون الطائفي لتُولد الحداثة، كما حصل في حروب الثلاثين عاماً في أوروبا (1618-1648 بين «تكفيرين» حسب المصطلحات الجديدة لنصر الله وخصومه، كما كانوا من قبل يقولون بالنواصب والرافضة، فقد تبدلت الكلمات ولم تتبدل المعارك العبثية! في تقديري أن السنوات العشرين المقبلة قد تحمل أخباراً غير سارة للعرب. وفي الذهن هنا كثير عن تغول التدخلات الإقليمية من قبل إيران مثلاً وشهيتها للتوسع والتدخل في شؤون بعض دول المنطقة الأخرى. وفي التاريخ كثير من المواعظ والعبر حول المآل البائس لسياسات التدخل والتغول بصفة عامة. وفي ذلك عبرة لمن يعتبر. ويمكن الحديث هنا عن كثير من التنبؤات من هذا القبيل وردت في بعض الكتب ذائعة الصيت تحت مفهوم العالمية الثانية. وأنصح القارئ بالاطلاع على كتاب المؤرخ الأميركي الشهير بول كينيدي «صعود وسقوط القوى العظمى في القرون الخمس الماضية».ولعل فكرة الكاتب في المستطاع اختصارها بإيجاز شديد في جملة واحدة هي ما يمكن تسميته «شهوة التوسع»، لأنها هي المصيدة التاريخية لكل من يسعى للتوسع والتدخل في شؤون الآخرين، وهي مقتل كل القوى ذات المنزع التوسعي أو الإمبراطوري، وسوف تنتهي أميركا بالداء نفسه بعد أن انهارت قبلها بعقود عدة مملكة الشر بتعبير ريجان، أي الاتحاد السوفييتي السابق، وهو مع ذلك كان قوة عظمى هائلة تملك قدرة ووسائل دمار كافية لتدمير العالم كله عشر مرات.