شيّعت الإمارات شهداءها الأبرار الذين لبوا جميعاً نداء الوطن والقيادة الرشيدة ووقفوا مع محنة اليمن الشقيق ليصدوا مع إخوانهم في التحالف العربي العدوان على الأشقاء في اليمن ويرفعوا الظلم عنهم وعن منطقتهم وأمتهم ويدرؤوا الخطر عن الجميع.. بكل اعتزاز وشجاعة، لقد ضحوا بحياتهم من أجل أن يكون الوطن آمناً ومستقراً، حيث لم تكن المهمة ممكنة دون تضحيات، وليس غريباً أن يتسابق الأبطال إلى الشهادة، وهم بذلك قد كرسوا قيمة التضحية، وبكل بسالة، وأكدوا أنه لا حياة إلا مع كرامة الوطن وأمنه وسلامته، وأن الشهادة في سبيل ذلك الهدف وما يرتبط به من قيم ومبادئ هي أصل الحياة، وصدق عليهم قول الله عز وجل: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه». لقد كان مشهد تشييع 45 شهيداً من جنود قواتنا المسلحة الباسلة مشهداً مهيباً جلله مزيج من الحزن والفخر، حزن على فقد الأحبة وفخر بما فعله هؤلاء الأبطال الذين أصبحوا اليوم في ذمة الله وذمة التاريخ بعد أن رفعوا رؤوسنا وحملوا راية الوطن عالياً فوق السحاب، إذ استطاعوا بكل حزم الانتصار في مهمتهم وأدوا الأمانة بكل صدق والمهمة بكل شرف وكانوا هم الحصن المنيع الذي أبعد الخطر عن منطقتنا وأمتنا، والذي بدونه كان يمكن لذلك الخطر أن يقترب أكثر فأكثر مهدداً الأمن الوطني والإقليمي.. إنهم بذلك ضربوا أروع الأمثلة على التضحية والعطاء والانتماء والولاء للوطن والقيادة الرشيدة والأمة بأكملها. هؤلاء الشهداء الأبطال هم ممن يجب أن نفتخر بهم وتفتخر بهم الأمم ويخلدهم التاريخ، إنهم مَن يصنعون التاريخ، ويشعلون مناراته، إنهم مَن يغيرون حركة مسار التاريخ لمصلحة الوطن والأمة، إنهم مَن يموتون وهم واقفون، فتمتد منهم على الفور جذور تسافر عميقاً في باطن الأرض لتروي بدمائهم ترابها الطاهر وتشكل القوة الحقيقية التي تحتاجها الأمة في أوقات المحن والأزمات. إن شعار ضرورة استكمال الطريق الذي ضحى الشهداء من قواتنا المسلحة الباسلة من أجله بأرواحهم لتحقيق أهداف الوطن والأمة، يجب أن يكتمل تطبيقاً على الأرض، فموقف الإمارات منذ عهد مؤسس الاتحاد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، موقف ثابت وراسخ في مد يد العون والمساعدة المادية والمعنوية على اختلاف أشكالها إلى الأشقاء من الدول العربية والإسلامية. كان ذلك في لبنان والصومال وأفغانستان والكثير من الدول العربية والإسلامية الأخرى. هؤلاء هم الرجال الأبطال الذين أضاءوا لنا التاريخ، هؤلاء هم ممن يجب أن نفتخر بهم ونضعهم تاجاً فوق رؤوسنا ونطلب من الله العلي القدير أن يرحمهم ويغفر لهم ويدخلهم جنات الخلد، فالشهادة في سبيل الله هبة ومنحة من الله لا يعطيها الله جل جلاله إلا لمن أحب.