يوم الجمعة الماضي لم يكن كغيره من الأيام، فقد امتزج الدم الإماراتي بالدم السعودي والبحريني واليمني ليعبر عن وحدة تراب الخليج العربي والجزيرة العربية والمصير المشترك في تلاحم نادر، وليرسل عدة رسائل إلى أكثر من طرف، تلك الرسائل التي حملت مضامين واضحة وصريحة استقبلناها نحن بفخر وثقة بالمستقبل رغم الألم الشديد الذي اعتصر قلوبنا، إلا إنه منحنا المزيد من العزم والحزم للدفاع عن وجودنا، ولتحقيق النصر بأي ثمن. الرسالة الأولى إلى المعتدي والمحرض صاحب مشروع «امبراطورية الشر»، التي ينوي إقامتها في زمن ولى فيه زمن الإمبراطوريات، وأضحى العالم أكثر إندماجاً وتحضراً، وتكمن هذه الرسالة في أنكم أخطأتم التقدير، وأن مشروعكم فشل قبل أن يبدأ، كما فشلت مشاريعكم المماثلة على مدى التاريخ ورجعتم خائبين، وإنكم قد تسرعتم في احتفالاتكم بسقوط صنعاء، والتي هي في طريقها للتحرير من عملائكم، فصنعاء ليست العاصمة الرابعة، بعد بيروت ودمشق وبغداد، كما تزعمون واهمين، وإنما هي بداية النهاية لمشروع امبراطوريتكم، كما أن شهداؤنا يقولون لكم لا تحلموا بدولة عربية خامسة ولا ببلاد الحرمين ولا ببغداد عاصمة لإمبراطوريتكم كما أعلنتم علانية، فهل وصلت الرسالة وعدتم عن غيكم؟ الرسالة الثانية إلى كل من يهمه أمر المنطقة واستقرارها، لقد تولدت لدى أطراف إقليمية ودولية عديدة من أننا شعوب مرفهة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها وتعتمد على الآخرين في هذا الشأن، شهداؤنا كان لهم رأي آخر تماماً، أما أننا شعوب مرفهة وسعيدة فهذا صحيح، وذلك بفضل قيادتنا وحسن إدارتنا لثرواتنا، أما كوننا غير قادرين على الدفاع عن أنفسنا، فقد ولى زمن الحماية وشهداؤنا خير دليل على ذلك، فإذا كان آباؤنا وأجدادنا قد دافعوا عن وطنهم وردوا المعتدي في السابق وضحوا بأنفسهم وبلداننا صحاري وشواطئ شبه خالية وبيوت متناثرة، فماذا تعتقدون ما سيفعله أحفادهم وقد تحولت مدنهم الصغيرة إلى مدن عالمية جميلة ومتقدمة، وتتفوق على مدن عريقة في كافة مناحي الحياة، وتستقبل الملايين من الخارج للعمل وطلب الرزق؟ الجواب قدمه شهداؤنا للجميع - التضحية بكل ما نملك لحماية وطننا ومستقبل أبنائنا. الرسالة الثالثة، هي بمثابة وصية لنا جميعاً - وما أغلاها من وصية – تقول بأننا تركنا لكم وطناً جميلاً أفديناه بأرواحنا، فحافظوا عليه ودافعوا عنه بالغالي والنفيس، وهو يستحق منا الكثير، والاستجابة لهذه الرسالة جاءت سريعة وصادقة بالوقوف إلى جانب قيادة الدولة، والتي إذا ما قررت في أي وقت فتح باب التطوع، فإننا جميعا سنقف في طوابير طويلة استجابة لنداء الوطن، بغض النظر عن السن، أو أية عوائق أخرى، ونطمأنكم أيها الأحبة توسدوا تراب الوطن براحة وسكينة، فالوطن الذي افتديتموه بأرواحكم لن يصيبه مكروه بإذن الله، «كلنا عيال زايد..كلنا فداء للوطن». لا توجد حروب بلا دماء، وقلما توجد من دون خيانات، ففي الحرب العالمية الثانية كان يتم حجز المستسلمين في معسكرات خاصة حتى ولو بلغ عددهم الآلاف، ومن ثم يتم فرزهم فرداً فرداً على مدى فترة ليست قصيرة، وفي كل مرة يتمخض عن عملية الفرز اصطياد خونة ومندسين وعملاء حاولوا تغيير لونهم مؤقتاً حتى يقوموا بأعمال تخريبية، وفي حالة اليمن، فإن هذا الأمر وارد تماماً بسبب قوة نيران دول التحالف، واستبسال جنوده، مما قد يضطر العدو إلى محاولة تقليل خسائره باتباع هذا النهج، الذي يتم اللجوء إليه عادة في حالة الضعف والانهيار. حالة الضعف والانهيارات المتتالية في صفوف الأعداء تبشر بالنصر، أما عملاء إمبراطورية الشر، والذين باعوا وطنهم وشرفهم وعروبتهم للشيطان، فسوف ينالون العقاب العادل، والذي بدأ عملياً مع تكثيف ضربات طيران التحالف لمواقعهم وتدميرها، «فثأرنا لا يبات». ومع احتفالات النصر القريب، ستتجسد أمام أعيننا صور شهدائنا الذين احتلوا مكانتهم الخاصة في قلوبنا بتضحياتهم العظيمة من أجل الوطن ومكاسبه، ومن أجل حياة كريمة وآمنة ومستقرة للأجيال القادمة.