لا شيء أكثر حزناً من أن تأتي التوابيت تترى، فقد عتمت سماء الدولة، وتحولت إلى سواد قاس، وإلى حزن عميق لا يوصف، ولا يمكن أبداً تجاهله والالتفات عنه، كأن جرحاً غائراً في قلب البلاد ينزف غضباً وحسرة على زهور يافعة قضت، وهي تؤدي واجبها، لكن لا خيار ولا خطة تراجع، ولا مجال لإعادة التفكير، والأمر لا يتعلق باليمن فقط، إنها قصة الاجتياح والاحتلال الإيراني، فلا شيء أقسى من قتل العربي للعربي والمسلم للمسلم، لكن حين تطل الخيانة برأسها المراوغ يبقى خيار الحسم هو الخيار الأوحد والأفضل والأكثر بعداً استراتيجياً، وذلك من أجل الحفاظ على المنطقة برمتها. فالقضية لم تعد سيطرة واحتلالاً وانقلاباً على الشرعية، بل تعدتها إلى تهديد أمن المنطقة، من خلال زيادة النفوذ الإيراني الذي استطاع بخبثه أن يعمي أتباع المذهب الشيعي عن جدوى هذه الحروب، التي سيكون ضحيتها اليمني الشيعي، وليس الإيراني الشيعي. فقد تعلمت إيران الدرس من سوريا حتى فجعت بتوابيت جنودها العائدين لإيران قتلى، فذهبت إلى تجنيد عملاء لها انساقوا خلف شعارات الجهل والتأليب وتاريخ مضى، وجفت ماؤه من أجل نزع فتيل الاستقرار في اليمن، وإيران تسعى الآن إلى أن تقوم بالشيء ذاته في الكويت، ناهيك عن تدخلاتها في البحرين. النصر في اليمن قادم لامحالة، وليس من خيار إلا النصر وتحرير كامل التراب اليمني من الغرور الشيعي الذي نأسف على ضحاياه في حرب ابتكرها من يريدون إحكام السيطرة على مفاصل المنطقة. الموت صعب، لكن نحمد الله على نعمة الإسلام التي صنعت حالة الاطمئنان في النفوس، فإما النصر أو الشهادة، وما عند ربك خير وأبقى. فالتراجع اليوم يعني تقوية إيران والاستسلام لشروطها وأحكامها، ويعني أيضاً تسليم سوريا لقمة سائغة لها، ويعني التنازل عن أمن المنطقة الذي سيصبح في مهب الريح. فمن الأهمية بمكان أن تسعى دول الخليج إلى تحقيق النصر في اليمن، وإيقاع الهزيمة بإيران هناك، التي يبدو أنها استمرأت احتلال دمشق، وتحويلها إلى محافظه إيرانية بتعمد تهجير أهلها والتضييق عليهم. الحرب اليوم اتسعت أبوابها، والجريمة التي راح ضحيتها جنودنا الأبرار لابد أن تدفع إيران ثمنها، وأن تدفعه غالياً من كل اتجاه، فلا تأمن على نفسها، ولا يغمض لها جفن. سدد الله رمي جيشنا، ورزقهم نصراً تلو نصر، وموعده أقرب مما قد يتصور عملاء إيران.