تشهد العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند نمواً وتطوراً مطّرداً على مر السنوات، ويعود ذلك إلى عوامل عدة، على رأسها التوجهات الانفتاحية والطموحة للسياسة الخارجية الإماراتية التي وضع لبِنتها الأولى المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أولى اهتماماً كبيراً للعلاقات مع الهند، وانعكس ذلك بوضوح لدى قيامه بزيارة تاريخية لها في يناير عام 1975، وكانت زيارته المحطة التي انطلقت منها علاقات البلدين نحو النمو والازدهار على مدار العقود التالية. وقد نمت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند خلال الأعوام الخمسة الماضية بشكل كبير، وازدادت حركة التبادل التجاري بينهما بصورة مطّردة، ففي عام 2009 سجلت قيمة تجارتهما الثنائية نحو 43,5 مليار دولار، ثم ارتفعت إلى نحو 67,6 مليار دولار في عام 2010، وواصلت نموها في عامي 2011 و2012 لتسجل نحو 72,7 مليار دولار و75,5 مليار دولار على التوالي. وبرغم تراجعها في العامين التاليين 2013 و2014، إلا أنها ظلت أعلى من نحو 60 مليار دولار. وتعكس هذه المؤشرات الأهمية التي يحتلها كل من الطرفين كشريك تجاري للطرف الآخر. وفي هذا الصدد، فإن بيانات «منظمة التجارة العالمية» تظهر أن الإمارات في الترتيب الثالث بين أكبر الشركاء التجاريين للهند في جانب الصادرات، وفي الترتيب الرابع بين شركائها في جانب الواردات، وفي المقابل، تحتل الهند المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري للإمارات في جانب الصادرات، وتأتي في المرتبة الثانية بين شركائها التجاريين في جانب الواردات. كما تعكس هذه المؤشرات اهتمام كل من البلدين بتطوير علاقاته بالبلد الآخر، وهذا الأمر يتضح من النمو الكبير في حجم التبادل التجاري بينهما، وقد وصل هذا النمو في بعض السنوات إلى نحو 48%، وهو ما كان كفيلاً برفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى المستوى الحالي، مقارنة به في عام 1971، عندما بلغ نحو 180 مليون دولار. وفي إطار الاهتمام بتطوير العلاقات الثنائية، شهدت الفترة الماضية عدداً من التطورات المهمة، حيث وقعت الدولتان في مطلع عام 2012 اتفاقية للتعاون الجمركي، أسست لمرحلة جديدة في مسيرة العلاقات التجارية بينهما، لا سيما أنها غطت العديد من الجوانب، بما في ذلك المجال الجمركي وحركة المسافرين وغيرها. إن التطور الإيجابي الكبير في العلاقات بين الإمارات والهند، لا يمكن قراءته بعيداً عن النمو المطّرد الذي يعيشه اقتصادا البلدين، سواءً سنوات ما قبل الأزمة المالية العالمية، حيث حقق كل منهما نمواً بنحو 8% سنوياً، أو سنوات ما بعد الأزمة حيث يواصلان نموهما بمعدلات مرتفعة نسبياً عما هو سائد في العالم، وهذا النمو بدوره يوفر لهما فرصاً كبيرةً لتطوير العلاقات مستقبلاً. وهذه الفرص كانت محل نقاش ودراسة «اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي الإماراتي-الهندي»، التي عقدت اجتماعها الحادي عشر، خلال الفترة من 2 إلى 3 سبتمبر الجاري، في العاصمة الهندية نيودلهي، والتي بحثت فرص تطوير العلاقات الثنائية في المجالات كافة، بالتركيز على الجوانب الاقتصادية، خاصة في التجارة والاستثمار والبنى التحتية والتصنيع الدفاعي والتطوير العمراني والطاقة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب التعاون العلمي في مجالات الفضاء والطاقة المتجددة والتنمية المستدامة والرعاية الصحية والبيئة، وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك. ولعل مجيء الاجتماع بعد اللقاءات والقمم الثنائية التي جمعت قادة الدولتين، والتي كان آخرها زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مؤخراً للإمارات، يعد عاملاً مشجعاً على تحقيق المزيد من التقدم في العلاقات الاقتصادية الثنائية في المستقبل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية